×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
نورة الرواضين

البراطماتيَة ..!
نورة الرواضين

إشتركت في إحدى المسابقات الثقافية , فكانت جائزتي علبة " ماكياج " ! فقلت في نفسي : ويح براطمي مالها وللماكياج . وبما أني لست خبيرا بفن المكيجة , وبراطمي غير قابلة للدهانات , فقد دفعت بالجائزة إلى من يملك حق صلاحية الاستخدام . فالنساء أكثر عناية ببراطمهن , ولا بأس أن ينفقن ما في جيوبهن على شيء كهذا . وما قيمة الحومرة حين تتدلى البراطم معلنة للملأ من حولها " ترى في الجو غيمة " .
والحق أني كنت فيما سلف من دهري من حلفاء البرطمة , حيث الإعتقاد السائد عند المبرطمين أن البرطمة والتكشير تضفي على صاحبها هيبة ووقارا ! . ثم بدا لي من بعد الأنباء أن البرطمة لا تزيد المبرطم إلا همَا . لذلك أصبحت أبحث عما يفرد عضلات البراطم , وإن لم أجدها في محيط علاقاتي لجأت الى براطم " اسماعيل يس " فهو المبرطم الوحيد الذي وظَف براطمه في إشاعة البسمة على وجوه الأخرين .
والرجال والنساء في البرطمة سواء . ولإن كانت برطمة الرجال أشد بحكم ثقل براطمهم , فإنها عند النساء أدهى وأمر , خصوصا إذا كانت مدهونة بالمساحيق .
ونحن حين نقابل الناس لا ننظر إلى أجسامهم ولا إلى جيوبهم , وإنما إلى وجوههم فالوجه مرآة صاحبه , والمعبَر الحقيقي عن مكنونات النفس . والشفاه هي من كمال خلق الله للإنسان والحيوان أيضا فمن البشاعة أن يكون الإنسان بلا شفتين . والله تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة , ويريدنا أن نكون كذلك , وقد ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله " وتبسمك في وجه أخيك صدقة " . ذلك ما يشعرنا بالأمن والسكينة والحب والقرب , بعكس التكشير والإكفهرار .والمبدأ الذي يسير عليه الكثيرون هو الرد بالمثل " تبرطم لي أبرطم لك ! " .
ماذا لو قابلنا ذلك بالتي هي أحسن " البسمة " ؟ . وقد يكون في البسمة نجاة لصاحبها من " زنقة " . فقد خرج الحجاج ذات يوم من معسكره وحيدا إلى الصحراء لغرض في نفسه , فصادف إعرابيا على حمار, فسأله الحجاج : من أين يا أخا العرب فقال : من اليمن . فسأله الحجاج عن حال الوالي عليها وكان قريبا للحجاج . فأجابه الأعرابي بشر جواب , وتعرض للحجاج أيضا , وهو لا يعلم أنه في حضرة الحجاج ذاته .. فغضب الحجاج وعاد إلى معسكره وأرسل بلطجيته في طلب الإعرابي . وحين مثل بين يديه أدرك الإعرابي أنه في ورطة , فتبسم وقال : يا حجاج أستر ما جرى بيني وبينك . فضحك الحجاج وعفى عنه .
نحن نعيش في عالم قتل فيه الطغاة البسمة .. حتى الأطفال فقدوا براءتهم حين يجدون أنفسهم مشردين محطمين وهم ينتظرون أن تهبط عليهم رحمة مجلس الهم والغم .
ابتسموا أيها المبرطمون .. فالدنيا حلاوتها في إبتسامتها . والإبتسامة هي برق السعادة والمحبة والأمل في عالم مليء بالظلم والظلام .
دمتم في رعاية الله .. وتحية إلى جميع المبتسمين في هذا العالم
بواسطة : نورة الرواضين
 5  0