×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور نواف الشراري

ما أشبه الليلة بالبارحة
الدكتور نواف الشراري

أقول بكل وضوح وصراحة -ما أشبه الليلة بالبارحة- !

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد:

فإن الله تعالى أنعم على هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين- بنعم عظيمة جليلة, استقر معها أمن البلاد والعباد وازدادت رخاءً وازدهاراً, فاغتاظ أهل الحقد والفساد حتى باتوا يكيدون لها ويستهدفونها في عقيدتها ووحدتها وقد خابت مساعيهم وعادوا خاسرين وهذا بفضل الله تعالى ثم بتمسكها بشريعة الله تعالى والعقيدة الصحيحة التي قامت عليها هذه البلاد المباركة .

نعم أيها الأحبة :

ما أشبه الليلة بالبارحة حينما يتحدث صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية حفظه الله- في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عُقِدَ مؤخراً بالعاصمة الجزائر يوم الأربعاء الموافق 27/5/1436 هـ والذي تحدث فيه عن استهداف بلاد الحرمين الشريفين بالإرهاب من قبل تنظيمات ضالة هي واجهات وأدوات لأنظمة ودول حاقدة, حينها تذكرت تلك الكلمات العظيمات التي يرددها كل غيور على دينه وأمته ووطنه الحبيب -المملكة العربية السعودية- التي قالها الأمير الراحل, نايف بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله الذي رحل عنّا بجسده وبقيت أقواله وأفعاله معنا شاهدة على أنه رجل العقيدة والسياسة .

أيها الإخوة الكرام:

نعم (أقول بكل وضوح وصراحة) هكذا ابتدأ الأمير/نايف بن عبد العزيز - رحمه الله تلك الكلمات العظيمات التي وجهها للعلماء وطلبة العلم والخطباء ورجال الحسبة, بعد أن ذكر خدمته لهذا الوطن منذ عهد الملك المؤسس طيب الله ثراه وحتى عهد المغفور له بإذن الله- خادم الحرمين الشريفين, الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله حيث يقول رحمه الله : " ... أقولها بكل وضوح وصراحة نحن مستهدفون في عقيدتنا، نحن مستهدفون في وطننا، أقول بكل وضوح وصراحة لعلمائنا الأجلاء، ولطلبة علمنا، ولدعاتنا، وللآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولخطباء المساجد دافعوا عن دينكم وبكل شيء دافعوا عن وطنكم، دافعوا عن أبنائكم، دافعوا عن الأجيال القادمة، يجب أن نرى عمل إيجابي، ونستعمل كل وسائل العصر الحديثة لخدمة الإسلام ونقول الحق ولا تأخذنا بالحق لومة لائم، فلنستعمل القنوات التلفزيونية، ولنستعمل الإنترنت وأنتم كل وقت تقرأونه وترون ماذا فيه.. أرجو لكم من الله عز وجل السداد والتوفيق" .



أيها القُرّاء الأفاضل:

وحينما نتذكر هذه الكلمات العظيمات التي تركها لنا ( نايف العقيدة والسنة ) لنشعر بحجم المسؤولية الكبيرة تجاه ديننا ووطننا وندرك أيضا خطر التحديات المحدقة بهذه الأمة عموماً وبهذا الوطن العزيز أرض الحرمين الشريفين خصوصاً , لاسيما وأن الأمير الراحل عاش فترة طويلة في سياسة الدين والدنيا فهو يتكلم عن خبرة كبيرة ودراية واسعة بهذه التحديات؛ فقد شغل رحمه الله العديد من المناصب في الدولة خصوصاً وزارة الداخلية مما جعله خبيراً في تلك التحديات والأزمات .

وقد تداول الناس هذه الكلمة في كثير من المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي على أنها إحدى وصايا الأمير الراحل رحمه الله , لذلك رأيت من المناسب أن أفردها بمقال مختصر لأهميتها , ولعلي أقف بعض الوقفات مع هذه الكلمة العظيمة لأميرنا رحمه الله وأُوجزها فيما يلي:

الوقفة الأولى: قوله رحمه الله : " أقولها بكل وضوح وصراحة نحن مستهدفون في عقيدتنا، نحن مستهدفون في وطننا " .

أقول: لا يخفى على مطلع أن هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية منذ قيامها على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وسدده ونصره في مراحلها الثلاث تلتزم أسس الشريعة الغراء والعقيدة الصحيحة , من الأمر بالتوحيد وإفراد الله بالعبادة ونبذ الشرك والبدع والخرافات على هدي الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح, فكانت ولايتها ولاية إسلامية شرعية, فبارك الله بهذه الدولة حيث جمع الله بها القلوب وتوحدت عليها الصفوف وفتح الله لها من بركاته ونعمه الوفيرة فلله الحمد والمنّة - ولذلك حسد الأعداء هذه البلاد وسعوا لفسادها بشتى الوسائل للنيل من عقيدتها ووحدتها وأمنها ولذلك فإن الأمير كان واضحاً جداً حينما نص على استهداف العقيدة التي قامت عليها هذه البلاد وأنّ الأعداء يسعون إلى تحقيق مخططاتهم للنيل من أمنها وخيراتها حرسها الله وحفظها - .



الوقفة الثانية: قوله رحمه الله : " أقول بكل وضوح وصراحة لعلمائنا الأجلاء، ولطلبة علمنا، ولدعاتنا، وللآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولخطباء المساجد " .

كان الأمير رحمه الله يدرك تماماً دور العلماء الربانيين والدعاة المخلصين ومن يقومون بعمل الحسبة وخطباء المساجد في دعوة الناس فهم مصابيح الهدى والقدوة الحسنة ولذلك خصهم رحمه الله بالذكر لعظم مسؤوليتهم في صد هذا العدو الغاشم من الغزو الفكري المنحرف الذي يراد منه هدم الإسلام وأهله والقضاء على الهوية الإسلامية وطمس العقيدة الصحيحة باسم الحرية والدمقراطية والعولمة المزعومة ! .



الوقفة الثالثة: قوله رحمه الله : " دافعوا عن دينكم وبكل شيء دافعوا عن وطنكم، دافعوا عن أبنائكم، دافعوا عن الأجيال القادمة ".

كان الأمير رحمه الله يدرك تماماً أن الأمر لا يتوقف على مجرد البيان فقط بل يتطلب الأمر إلى بذل الجهد والاجتهاد في التصدي لهذه التحديات بكل وسيلة متاحة تحقق ذلك الغرض, ولاشك أنّ الدفاع عن الدين يكون بنشر تعاليم شريعة الله السمحة وتنقيتها مما ألصق بها مما ليس فيها من أفكار خاطئة وشبهات باطلة , كالتطرف والغلو والتكفير مما يتولد عنه الإرهاب والتفجير والتدمير, كما حصل في بلادنا حرسها الله جراء ذلك الفكر وتلك الشبهات ! .

ونشر دين الإسلام الصحيح لا يتم إلا بوطن آمن يكون منطلقاً للدعوة الإسلامية, ولاشك أن الدفاع عن بلاد المسلمين وحماية الثغور صورة من صور الجهاد في سبيل الله عند الفقهاء سلفاً وخلفاً- ولذلك حث الأمير رحمه الله - على الدفاع عن هذا الوطن , وطن المقدسات وأرض الرسالات ومهبط الوحي , الذي قام على العقيدة السمحة والوسطية والاعتدال وحث على تربية أبناء الوطن على هذه المنهجية المتزنة, والتصدي لحماية أبناء الوطن من الغزو الفاسد, سواء كان فكرياً, كالتطرف والغلو أو خلقياً, كالإباحيات والمخدرات وحتى يصبح أبناء الوطن لبنة بناء ورقي لا معول هدم وانحطاط .

وها هي الساعة الدفاعية التي حث عليها رحمه الله- قد جاءت وواجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله بنصره- بكل حزم وعصف لنصرة الحق والعدل في (عاصفة الحزم المباركة) للشعب اليمني الشقيق ولأمن المملكة والمنطقة عامة -ولله الحمد المنّة- .

الوقفة الرابعة: قوله رحمه الله : " يجب أن نرى عمل إيجابي، ونستعمل كل وسائل العصر الحديثة لخدمة الإسلام ونقول الحق ولا تأخذنا بالحق لومة لائم، فلنستعمل القنوات التلفزيونية، ولنستعمل الإنترنت " .

كان الأمير رحمه الله يتطلع إلى العمل المنتج والأثر الطيب من خلال الوسائل الحديثة المختلفة, كالقنوات الفضائية والشبكة العالمية الإنترنت وذلك باستخدامها في الصدع بالحق والحجة والبيان ونحن أعزة لا نخشى أحداً سوى الله ولا يثبطنا عن قول الحق لومة لائم .

وأخيراً أقول:

إن الأمير نايف رحمه الله كان مدرسة فكرية فذة , تُحسن التعامل مع الأزمات وتدرك حجم المشكلة وتعي أبعادها وتحرص على خدمة الدين ثم الوطن رحمه الله وغفر له كما أنه خرّج على يديه الكثير ممن اقتدوا به وهم نماذج مشرقة في مملكتنا الحبيبة وخير مثال على هذه القدوة الحسنة, أميرنا المحبوب الأمير/ محمد بن نايف آل سعود ولي العهد, نائب رئيس مجلس الوزراء, وزير الداخلية حفظه الله ورعاه - .

وإن الواجب علينا جميعا الإحساس بالمسئولية وتقدير خطورة الأمر والتعاون والتكاتف مع علمائنا وولاة أمرنا في القضاء على كل فكر متطرّف حماية لمجتمعنا المسلم وليديم الله علينا ديننا وأمننا ورخائنا وتكون الألفة والمحبة والاجتماع على الحق والهدى .

حمى الله بلادنا وولاة أمرها وعلمائها وشعبها من كل سوء ومكروه ورد الله كيد الأعداء في نحورهم وكفانا والمسلمين شرورهم .



كتبه أخوكم

د. نواف بن رحيّل الشراري

وكيل كلية الشريعة والأنظمة بجامعة تبوك
dr.nawaf.alsharari@gmail.com
بواسطة : الدكتور نواف الشراري
 2  0