×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
ماجد ساعد ابوذراع

وداعا أبا فهد " الشيخ أبو ذراع "
ماجد ساعد ابوذراع

أيها القراء الفضلاء .. تحية إجلال ووقفة إكبار لكم حيث أخذت من وقتكم وتركتم بعض مشاغلكم لتتصلوا بكاتبكم فأسأل المولى القدير أن يجزيكم خير الجزاء فكم أحبكم أحبكم لا تسألوني لماذا فالحب نحوكم هو مذهبي


ذكريات من الماضي.. ( في قرية المربى والصبا فارعة الحب والحنين )


في فناء ومضياف والدي الذي يطل على وادي الجزل وجبال الفارعة الحمراء وواديها الأبطح الأحمر ومزارعها الخضراء وخلواتها الغناء حيث تشرق الشمس من خلف جبال نقيع والغضيات وحلفة فتبسط أشعتها على قريتنا ونبتهج بيوم جميل بعد ليلة هادئة ماتعة مع سمائها الصافية اللامعة بالقمر والنجوم ..كانت هناك البداية من ذلك البيت بدأت رحلة ذكرياتي مع والدنا الشيخ / علي بن خلف أبوذراع شيخ عشيرة الفواضلة من بلي
كان كثيرا مايزور والدي في بيته بالفارعة فيتجاذبون الأخبار والأسفار والحط والرحال ويسهرون ويتضاحكون حتى قبيل الفجر وكثيرا مايبيت عندنا وكنا نسعد ونفرح بمجيئه فهو قبل كل شيئ ابن عم وقريب وصاحب طرف وفكاهة


وأذكر أنه جهوري الصوت وكان كثيرا ما يبادر والدي بسؤاله عن عمي سالم بن ساعد بن نصار رحمه الله لتكمل السهرة ويحلو الحديث


"مصارحة" ..
لم أذكر أني رأيته غاضبا أو مقطب الجبين بل العكس من ذلك فهو بشوش دائم البسمة والضحكة يلاطف الصغار ويرحمهم ويشجعهم ويسلم على كبار السن ويعطيهم قدرهم
"قبسة"


لم أنس وأنا طفل كيف كان يسلم على والدي بحرارة وشوق ويسأل عن أخي وشقيقي "محمد " ليسلم عليه ويقول له مداعبا أنت أحسن واحد يقصد أخي أنت هنا ويشير بأصبعه إلى قلبه
كان رحمه الله يحضر المناسبات الخاصة بالعشيرة ولا يتخلف عنها وكثير مايسافر من أجل إنهاء بعض المعاملات التي تختص بعشيرته مع مرضه الذي رافقه عدة سنوات


" قصته مع المرض رحمه الله "
قبل مايقارب عشرين سنة أبتلي الشيخ بمرض السرطان فاستأصلوا حنجرته وأحباله الشوكية تسببت في اعاقة عن النطق بتاتا فوالله مارأيته يشتكي أويتضجر لأحد بل مؤمن وراضي بما كتبه الله " عزيمة " ومع الرغم من ذلك كان قوي الجأش رابط البأس قوي العزم فرحمك الله يا أبا فهد


"الزيارة الأخيرة له للعلا "
قبل تسعة أشهر زارني الشيخ برفقة والدي لمحافظة العلا واستضفته ببيتي ودعوت بعض المشائخ للسلام عليه فبعد المأدبة دعاه الشيخ زيدان الميهوبي "أبوتركي" للعشاء عنده فستجاب له رغبة في تطييب خاطره فكانت هذه الزيارة بمثابة الوداع أو اللقاء الأخير له معي في محافظة العلا


" والدي يتصل "
قبل شهر ونصف أخبرني والدي أن الشيخ مرض مرضا شديدا فذهبت لزيارته ببيته فلم أجد سوى مكانه وإسطوانة الأكسجين عند منامه سألت عنه أحد أبنائه أخبرني قائلا أولمنا البارحة له بوليمة بمناسبة خروجه من المستشفى واليوم انتكست حالتة الصحية وذهبنا به للمستشفى وحالة غير مستقرة على الإطلاق


" هكذا أخلاقه رحمه الله في المستشفى "


ذهبت برفقة والدي لعيادته فلما دخلنا عليه في غرفة التمريض رحب واستبشر مع أنا رأينا الدم يقطر من الصمام الذي وضع في صدره فجلس واتكأ فأشار لوالدي أن يجلس على الكرسي الوحيد الذي أمامه وأشار إلي بأن أجلس بجواره على سريره رغما عني وقبلني وضاحكنا وقال باللغة الإشارة بلغوا سلامي "ل محمد " يقصد أخي
في ختام الزيارة قبلت رأسه وانصرفت فلا زالت ترافقني جلسته ووداعه الحار لنا وسلامه وفرحه بنا وإشارته بيده بالسلام والدعاء


" مناجاة مع النفس "


لا أدري هل مثل هذا الجيل يتكرر بتواضعه بحبه برفقه ببساطته بمعرفته للحقوق والوجبات ؟


" ليلة الوداع والصبر "


البارحة االأحد الموافق 14/7/1436 هــ اتفاجئ برسالة نصية عبر الجوال أنه أنتقل لرحمة الله تعالى توجهت برفقة والدي بعد الرسالة مباشرة لبيته لتقديم العزاء لأنفسنا أولا ثم لأهله في قرابة الساعة 12 مساءا هذه الزيارة كانت مختلفة تماما عن بقية زياراتي لأ أدري ماالذي حصل في داخلي شعرت بشعور غريب وانهالت دموعي رغما عني لا أقول لكم أنها خارت قواي بل جثت واستحكمت كيف لا وهو " الموت " ياسادة الذي لا يستأذن الصغير ولا الكبير ولا الحقير والأمير فنشهدالله على محبتك ياأبا فهد فوالله إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا فهد لمحزنون ولا نقول إلا مايرضي الرب إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها غسل وكفن رحمه الله ودفن في مقبرة تبوك بعد صلاة الظهر من يوم الأحد
هناك ولو نطق لقال
جاني وانا في وسط ربعي وناسي " " ‏جاني نشلني مثل ما ينشل النـــاس ‏مني نشل روح تشيل المآســـــــي " " ‏تشكي من ايام الشقى تشكي اليـاس ‏اثر الالم في سكره المـــوت قاسي " " ‏ماهالني مثله وانا انسان حـــساس ‏جابوا كفن ابيض مقاسه مقاســــي " " ولفوا ‏به الجسم المحنط مع الـراس ‏وشالوني اربع بالنعش ومتواســي " "


تقبلوا محبكم /أبو هشام
ماجد بن ساعد بن عليان أبوذراع
الثلاثاء 1436/7/17
بواسطة : ماجد ساعد ابوذراع
 6  0