×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
صدى تبوك

طقوس التعزية الموروثة!!

تلك العادة التي توارثتها الأجيال وما تزال قائمة، وهي القيام بـ"واجب العزاء" وفق العادة ويقصدون بها "سنة العزاء" والتي تستمر مدة ثلاثة أيام من بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس في استقبال المعزين من القرى المجاورة الذين يفضلون القدوم للعزاء بشكل جماعي وفق عوائدهم.

من هذه العادات ضرورة إقامة "سُرادقات العزاء" لأهل الميت الذين لاحول لهم ولا قوة سوى البقاء في حالة استنفار اكتفاءً للقيل والقال وتفاديًا للمصطلح المعهود " الشرهة ".

هؤلاء هم أحوج ما يكونون إلى التخفيف من هول المصاب وليس للدفع بهم إلى إقامة سرادقات العزاء أو النيابة عنهم في هذا الأمر.

ومن العادات القول المشهور "الفقيدة واحدة" ويقصدون بهذه العبارة أن المصيبة التي أصابتكم والحزن الذي تغشاكم قد أصابنا مثله، والحقيقة أن "النائحة الثكلى ليست كالمستأجرة"! وهذا ما يبدو للناظر في وجوه الحاضرين، إذ ترى الحزن والوجوم يسود أهل الميت وذويه بينما باقي الحضور غائبين عن المشهد.

أن ينتظر القادمين للعزاء إذا كانوا قلة للدخول مع جماعة أخرى "لتكثير العدد" وكأن القوم قادمين للأفراح أو يصافح القادمين أفراد القرية ويعزونهم "فردًا فردًا" وكأن الأمر يعنيهم على الخصوص هي عادات ما أنزل الله بها من سلطان ؛ والعجب إذا اختلط "الحابل بالنابل" فأصبح الجميع يُعزي بعضهم بعضًا مع العلم أن بعضهم لا يعرف الآخر كونهم من أبناء القرى المجاورة وليسوا مع الميت في قرابة لا من قريب ولا من بعيد.

لست ضد تقديم سنة العزاء؛ إنما الآلية التي عفا عليها الزمن وهو حث الناس على التجمع في مكان معلوم ونبذ وقطيعة من يتأخر عن هذا الجمع، أو التعدي عليه بالهمز واللمز بقولهم " ما فيه خير" بدعوى ضرورة التفاعل والمشاركة في هذه الاجتماعات وإقامتها هي ما قصدته ! فأي خير ينتظرون حصوله بمثل ذلك الاجتماع ؟.

المعني بالأمر في استقبال العزاء هم أهل المتوفي خاصة وليسوا كافة أفراد القرية، وهو ما يتوافق مع النقل والعقل أخذًا من الحديث النبوي الشريف "اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما أشغلهم"، والمتأمل في هذا الحديث يلحظ أن القوم مشغولون، فلماذا يُشغلوا باستقبال المعزين الذين أتوا من كل حدب وصوب ثلاثة أيام؟.
مؤسف أن يتصدر ذلك المشهد ويدعو إليه "القضاة والدعاة وأهل العلم والفضل" استنادًا لبعض الاختلافات الفقهية!

ومؤسف أيضًا أن يتم إشغال أهل الميت ثلاثة أيام في استقبال المعزين!! ؛ تلك الطقوس إنما هي عادات دخيلة وليست من العبادات في شيء، وهو ما ينبغي النظر بشأنها وتوجيه الناس إلى الصواب شِرعةً ومِنهاجًا تيسيرًا على أهل المتوفي وتوفيرًا لأوقاتهم ونبذ كل ما يخالف عقديتنا السمحة والشريعة الغراء واحتسابًا للأجر بحضور الصلاة والدفن في نفس اليوم وحث الناس على اتباع السنة وعدم المخالفة حتى لا يقع هؤلاء في النهي الوارد في الحديث الشريف عن جرير بن عبدالله البجلي " كنا نعد الاجتماع للعزاء في عهد رسول الله من النياحة". فأي اجتماع هو المقصود إن لم يكن هذا الاجتماع؟.

خلاصة القول: حضور الصلاة على الميت، والوقوف على القبر حتى الدفن، ثم تقديم العزاء مباشرة هو الأمر المستحسن والذي ينبغي العمل به طمعًا في اكتساب الثواب وحصول "قيراطين من الأجر" عملاً بالسنة، وتيسيرًا على الناس، ونشرًا للوعي في المجتمع، وهذا ما نتأمله من أهل الحل والعقد بتعميمه على الأئمة وعرفاء القرى وشيوخ القبائل حتى يكون القيام بهذه السنة على بصيرة..... والله من وراء القصد.
بواسطة : صدى تبوك
 3  0