×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

التحرر من الخوف وقاية من العنف
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

إننا نعيش في عالم مليء بالخوف والعنف وهما توأمان من رحم واحد ، وننتمي إلي أمة يحلو للآخرين بأن يسموا الأحداث التي تتوالى فيها إرهابية.

إنه من المحزن أن نسمع كل يوم أخبار عن العنف مع كل نشرة ، أخبار تصدر في كثير من قنوات العالم ، ونجد أنفسنا مع سماع أخبار هذه الأحداث لا نملك حلولا أمام ضخامة هذا العنف والعنف المضاد له ، وما هناك قوة لإيقاف الضحايا البشرية التي تتلى أعدادها أخباريا آناء الليل وأطراف النهار ، وينتاب الخوف الجميع أفرادا وجماعات بأن ينالهم هذا العنف أو يقع عليهم من حيث لا يعلمون ، فالزلازل مثلا عندما تهز وتقوض الأبنية فوق رؤوس الناس لا تبحث عن انتمائهم ، والبراكين الاجتماعية عندما تحصد الناس تنال المشترك في العنف والحيادي عنه.

إن الأخطار التي بهذا الحجم تستحق أن يوجه إليها الاهتمام للخروج من هذا المأزق الذي أصبح شغل العالم الشاغل.

كل الناس يدركون أن المريض مريض ولكن ليس بوسع الناس أن يشخصوا المرض ويصفوا العلاج ، إن ذلك من اختصاص الأطباء ، الذين تسلحوا بالمهارات الطبية التي نالوها بجهد ومران ، كل الناس يدركون قبح العنف ونتائجه الوخيمة ، ولكن قليل منهم من يضع يديه على أسبابه ، والمرض الاجتماعي يعرفه الاخصائيون الذين يلمون بالتاريخ ، وعلم الاجتماع ، والعلوم النفسية البشرية ، فكما يتدخل الطبيب بيولوجيا لعلاج أمراض الجسد ، يمكن لعالم الاجتماع أن يدرك طبيعة الأمراض الاجتماعية ويقترح حلولها من خلال ملامسة الواقع والتعامل معه ، ويتشكل لديه تصور في كيفية المساهمة في التحرر من عناء الهموم الاجتماعية المرهقة.

إن الفرد يمكن أن يساهم في حل المشكلة عندما يتخلى عن العنف في مسار حياته . إن الانسان يمكنه السيطرة كل السيطرة على أفكاره والتخلص من العنف ، وإيذاء الآخرين ، والابتعاد عن المشاركة أو التعاون مع من يريد أو يؤمن بأعمال العنف 0هذه
أساسيات مفهوم السلم الاجتماعي ، وإذا استطاع الانسان بلورة هذا المفهوم بوضوح ووعي ، استطاع أن يقابل العالم وهو مطمئن يمشي سويا على سراط مستقيم تغشى ملامحه الطمأنينة وينعكس على محياه ، وفي نبراته الوضوح والصدق والعلنية ، ويعبر عن آرائه بدون خوف ، ويبني علاقاته مع الناس على أساس الثقه همه التعامل مع أخيه الانسان بالحسنى. ولو تخيلنا حال من يمارس العنف أو الوقوع تحت سيطرت خيالاته لوجدنا انه بقدر ما يفرح بموت الآخرين ، تنتابه حمى الرعب والخوف ، وتعصف بمخيلته زوابع العنف وتهمة القتل ، كما أنه لا يجرؤ على التصريح بعلاقاته الاجتماعية ، فاختلاطات الخوف والشعور بالملاحقة وضغط وإلحاح مشاعر التهمة تصبح أمراض سرية تغذي مسلسل سفك الدماء . فالعنف جنين السرية ، والأمن ابن العلنية.

إن أمور الحياة تنظمها قوانين نوعية عرفها من عرف ، وجهلها من جهل ، و إذا عجزناعن صياغة الحلول فلا يعني أن الحلول غير موجودة ، بل لأن الجهل والكسل لم يقوداننا إلى الكشف عنها ، وإدراك الوضع على هذه الكيفية يخلصنا من انتظار الحلول الخارقة التي لا تستند إلى السنن المبثوثة في الكون الفسيح.

إن الايمان بلا إكراه في الدين يحرر من المنازعات والأحقاد والمشادات ، وإذا بنيت العلاقة على عدم الإكراه فمن حق الآخر أن يعتقد مايراه صوابا ، لأن العلاقات الانسانية المبنية على احترام الآخر تقضي على نمو الأحقاد والكراهية والمنازعات.

هكذا نرى الأفكار تزداد مع الزمن تبلورا وتألقا وبريقا ، تكبر وتستوي لتؤتى ثمارها كل حين بإذن الله.

والحياة لها مشارب شتى وأنحاء واسعة ، وكل واحد منا في هذه الحياة هو صياغة أسرته ومجتمعه وتبقى تطلعاته مرهونة بمواريث ثقافية سبق اختزالها ، أو مستجدات قد تغير في الموروث ، لنخرج بنظرة تقييم لمناهج حياة سلفت ، وأخرى معاشة ، وثالثة مستقبلية نبتغي منها أن تكون ايجابية ، تصوغها بالمثل والسلوك السوي ، ليعيش وهو يحمل بين جنبيه نظام حياة وميراث أمة.


عضو مجلس المنطقة
اللواء متقاعد: عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
بواسطة : عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
 0  0