×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سعود العمراني

لماذا يتغير الأصدقاء؟!
سعود العمراني

لماذا يتغير الأصدقاء؟!


قد تكون الصداقة هي ثاني أهم علاقة في حياتنا بعد الزواج فنحن نقضي مع الأصدقاء ما يقارب ثلث عمرنا، بل و لا أحد يستطيع أن يستغني عن وجود صديق يؤانسه و يسامره حتى الملوك، فقد سئل أحد الخلفاء الأمويين عن أقرب شيء إلى قلبه فقال إنني قد جربت كل المتع من نساء و طعام و ملبس و لم أجد أجمل من صديق أتحدث معه و قال الشاعر (سلام على الدنيا إذا لم يكن بها .. صديق صدوق صادق الوعد منصفا) و لكن مع كل جمال هذه العلاقة و أهميتها تبقى هناك خيبات أمل و فراق بعد ود و لا ندري ما السبب؟! هل نحن سيئون أم هم؟! و لماذا حدث هذا التغير و متى بدأ؟!

هناك عدة أسباب للموت البطيء الذي يصيب أغلب الصداقات إذا استثنينا تلك التي تنتهي بسبب المال لأنه قادر حتى على التفريق بين الإخوة و الأزواج و حتى نكون دقيقين و لا تختلط الأمور فإن ما نقصده بالصديق هنا هو من تقضي معه روتين يومك و لا تصلك به قرابة. لا أبالغ إن قلت أن الأمر الطبيعي أن تنتهي كل الصداقات و أن هذه سنة كونية لا مناص منها ففي دراسة ظهرت مؤخراً أن 90 بالمئة من البشر يغيرون أصدقائهم كل سبع سنوات، أي أنك عزيزي القارىء في الغالب لن تكون مع نفس الأصدقاء مستقبلاً و يكفيك أن تعود للخلف لترى أين من كنت تقابلهم يومياً في المقهى أو الإستراحة لتعرف مصير علاقتك مع من تقابلهم الان.

في الحقيقة كل هذا متوقع فأنت لست نفس الشخص قبل عشر سنوات و لن تكون نفسه بعد عشر سنوات بل حتى أنك لن تستطيع أن تتوقع كيف سيكون مستقبلك ففي دراسة أخرى أجريت على مجموعة كبيرة وجدوا فيها أن هؤلاء الأشخاص لم تعد تُمتِعهم بعض الأمور كما في الماضي بل حتى مقدار صرفهم عليها انخفض إلى الثلثين و بالتالي سيتغير موقفهم ممن كانوا يمارسون معهم تلك المُتع كحضور حفل أو مباراة أو التجول و كل هذه الأمور. إن نظرة الإنسان للحياة تتغير و كذلك نظرته لأفكار و سلوك أصدقائه فلم يعد يراهم ملائمين له و لا يقفون معه على أرض واحدة و هو ما يعرف بالنضج على الأصدقاء (outgrowing your friends) فالمسألة لا تتجاوز ديمومة حياة و ليس من هو المصيب و من هو المخطىء و من هو الجيد و من هو السيء فالكل سيجد مجموعة جديدة من الأصدقاء فهل كل هؤلاء الخلق سيئون!!!

أجمل وصف سمعته لحالة نضج الأصدقاء كان لمفكر أمريكي قال فيه إن الأصدقاء عندما تقابلوا كانوا كاليرقات و هذه اليرقات مع الوقت كبرت و أصبحت فراشات كل لها لونها و شكلها و بدأت بالطيران فمن المستحيل أن تطالب الفراشة بالتوقف عن الطيران و الرجوع كما لو أنها يرقة و كذلك نفس الأمر مع الأصدقاء فمن الحماقة أن تنتظر أن يبقوا كما كانوا وقت لقائك بهم. إنني لا أبالغ إن قلت أن تغير الأصدقاء يبدأ من اللحظة التي تقابلهم فيها و لهذا عزيزي القارىء لا تنذهل و تتفاجأ إذا توقف أحدهم عن مكالمتك كما كان في السابق لأنه و بكل بساطة قد طار، لا؟!!
بواسطة : سعود العمراني
 1  0