×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
نايف البقمي

الاتجاه المعاكس
نايف البقمي


الاتجاه المعاكس

لا شك أن الحديث عن قناة الجزيرة لا يمكن أن ينفك بأي حالٍ من الأحول عن ذكر قطر والقيادة القطرية, فالجزيرة التي أُنشئت في 1996م بُعيد إغلاق القسم العربي لتلفزيون (BBC) الذي انضم موظفوه إلى طاقم القناة الجديدة التي بدأت عملها بمنحة قدرها مئة وخمسون مليون دولار من الحكومة القطرية وضعت لعملها ميثاق شرفٍ مهني احتوى على قيمٍ أخلاقيةٍ وإنسانيةٍ جميلة توحي بصدق التوجه وحسن الطوية, ولعل أبرز ما تعهدت به تمسكها التام بالقيم الصحفية من صدق وجرأة وإنصاف دون أن تُطغي الاعتبارات التجارية أو السياسية على التزامها المهني, ولكن المتتبع لتاريخ الجزيرة يعرف أن هذا الميثاق لا يعدو كونه مجرد حبرٍ على ورق, فهذه القناة التي اعتبرت خلال فترة من الفترات أن وجود القواعد الأمريكية في دول الخليج هو بمثابة الاحتلال, لم تعد تذكر ذلك لا من قريب ولا من بعيد بعد أن استضافت قطر أكبر القواعد الأمريكية خارج الولايات المتحدة, ولا أعلم مع أي بند من بنود الميثاق تتفق هذه الممارسة!.
الجزيرة تذكر في ميثاقها أيضاً أنها تسعى للوصول إلى الحقيقة وإعلانها في تقاريرها ونشراتها الإخبارية بشكل لا غموض فيها ولا ارتياب في صحته ودقته, ولعلي أذكر هنا استضافتها لعدد من المعارضين السعوديين في برامجها خلال عامي 2002 و 2003م, والذي قال أحدهم خلال استضافته في إحدى حلقات برنامج (بلا حدود) : "إن من أسباب اتساع الفجوة بين الحكومة السعودية والمعارضين لها, هو ما يحدث من جرائم بحق المحاكمين في قضايا أمنية, فلا عدل ولا حفاظ على كرامة". والسؤال هنا.. هل كلام ضيف الجزيرة المعارض حقيقة لا غموض فيها ولا ارتياب في صحتها ودقتها, لذلك رأت القناة ألا أهمية لرأي الحكومة السعودية وهي الطرف الآخر المعنيفي القضية محل النقاش, وماذا عما تدعيه القناة بأنها منبر يتبنى الرأي والرأي الآخر ويقدم وجهات النظر والآراء المختلفة دون محاباة أو انحياز لأي منها؟!.
في ظل هذه الممارسات اللا مهنية وغير الأخلاقية لقناة الجزيرة فإني ما زلت اعتقد أن متابعيها سيتفهمون ويتقبلون هذه الاستضافات رغم ما فيها لو أنها تناولت قضية التعاون التجاري المعلن بين قطر وإسرائيل ووجود مكتب تجاري للكيان المحتل للأراضي الفلسطينيةعلى أرض قطر. لكن هذا الصمت الذي تمارسه الجزيرة تجاه هذا التعاون ليس له تفسير سوى أن مناصرة القضايا العربية والقضية الفلسطينية على وجه التحديد ليست إلا حيلة ابتكرها القائمون على القناة لجذب اهتمام المواطن العربي وتزييف وعيه.
هفوات الجزيرة كثيرة فإن التمسنا لها العذر في عدم تطرقها إلى قضية انقلاب ولي نعمتها أمير قطر السابق على والده, فكيف لنا أن نجد لها عذراً في تغاضيها عن قضية قبيلة الغفران الإنسانية التي أسقطت الحكومة القطرية الجنسية عن (6000) فرد من أفرادها وقامت بتهجيرهم إلى دول الجوار, ومارست ضد المعتقلين لديها أقسى طرق التعذيب.. وكيف لنا أن نجد لها أعذاراً فيما آلت إليه الأمور في كثير من البلدان العربية التي عانت ومازالت تعاني من سير هذه القناة في الاتجاه المعاكس لتشوه الحسن, وتُحسّن المشوه.


بواسطة : نايف البقمي
 0  0