نحنُ هُم.. صدى الجبال وصوتُ المجد

المملكة… سيادةٌ ترفلُ بالعزّ، ووطنٌ يأوي الحُلم كما تأوي النجومُ أفلاكَها، ومجدٌ لا يشيخ، يصوغ من الحروف رجالًا، ومن الأيادي أوطانًا.
حين ارتقى سموّ الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، أميرُ النبل وركنُ الحكمة، منبرَ التخرّج في جامعة الأمير فهد بن سلطان بتبوك، وقال كلمته العظيمة:
“بلدكم فيها عشرة ملايين ضيف ليُحققوا أحلامهم”، لم تكن جملةً تُقال في لحظة، بل كانت شاهدًا على مرحلة، ورمزًا لوطنٍ فتح قلبه قبل أرضه، واحتضن أحلامَ الغرباء كما لو كانت من صُلبه. قالها سموّه… فاهتزّت لها أوتادُ المعنى، وكأنها نداءٌ خرج من ضمير وطنٍ يعرف موقعه من الشمس، ويعلم أن الكرامة لا تُستعار، وأن المجد لا يُورّث، بل يُصنع. قالها، وفي خلفيّتها ألفُ حكايةٍ عن مملكةٍ، إذا سُئلت عن الكرم قالت: “أنا”، وإذا نُودي على المجد أجابت: “هأنذا”، وإذا ضاقت الأوطان وسِعت، وإذا تقطّعت السُبُل وصَلَت. هنا… حيث لا يُقاس الإنسان بلونه، ولا يُوزن بماله، بل يُسأل عن حلمه؛ فإذا حمل في صدره طموحًا، فتحت له الأرض صدرَها، ونادت عليه السماء: “هلمّ إلى العلياء.” يا من تشرّبتم العزّ من تُراب هذا الوطن، يا شباب المملكة وفتياتها، يا من في أعينكم بريقُ الرؤية، وفي أنفاسكم وعدُ الغد، أنتم سِرُّ الخلود لهذا الكيان، وصوته القادم الذي يُرتّب للمستقبل بحروف الإرادة، لا همس التردّد.
لا تلتفتوا للعجز، فإنّ الوطن لا يُصافح المتخاذلين، ولا يفتح أبوابه لمن جعل الانتظار مذهبًا، والخوفَ صديقًا. بلادكم لا تُبنى بأحلام مُعطّلة، ولا تتقدّم بخُطى المرتابين، بل تنهضُ بسواعد العازمين، وتزهو بعقول المبدعين، وتسمو بقلوبٍ لا تعرف إلا المجد طريقًا.
كونوا كما أرادتكم الأرض: أسيادَ الفعل، وروّادَ المبادرة، وفُرسانَ الغايات. اجعلوا من العثرات وقودًا، ومن كلّ سقطةٍ وثبة، ومن كلّ مُنعطفٍ فرصةً لا تُفوّت. واشهدوا على أنفسكم عهدًا: ألّا يُذكر هذا الوطن إلا وكنتم فيه صدى الجبال، وضوءَ النبوغ، ووهجَ التميّز. فالمملكة اليوم لا تنشد منكم تصفيقًا لماضيها، بل تنتظر منكم أن تكتبوا مستقبلها بأيديكم، لتكونوا أنتم المجد القادم، والصوت الذي إن نادى الزمان يومًا باسمها، أجابه: “نحنُ هُم.

وكتبه/ فائز بن سلمان الحمدي – أملج


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *