في خطوة تعكس سياسة خارجية متشددة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، انسحاب الولايات المتحدة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ووقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وجاءت هذه القرارات بالتزامن مع استقبال ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في “واشنطن”، مما يعكس تحالفاً وثيقاً بين البلدين في مواجهة المنظمات الدولية التي تتهمها إسرائيل بالتحيز ضدها.
وقف تمويل “أونروا”
أعلن ترامب وقف التمويل الأمريكي لوكالة “أونروا”، التي توفر المساعدات الإنسانية والتعليمية والصحية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن، وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح للوكالة، حيث كانت تقدم ما بين 300 إلى 400 مليون دولار سنوياً.
وكان ترامب قد أوقف التمويل لأونروا في عام 2018، قبل أن يعيد الرئيس جو بايدن تمويلها في أبريل 2021، ومع ذلك، تم تعليق التمويل مرة أخرى في يناير 2024 بعد اتهامات إسرائيلية لـ12 موظفاً في الوكالة بالمشاركة في هجوم “حماس” على إسرائيل في أكتوبر 2023.
وعلّق الكونغرس الأمريكي مساهماته حتى مارس 2025 على الأقل، مدعياً أن الوكالة متورطة في “التحريض ضد إسرائيل” و”النشاطات الإرهابية”.
انسحاب من مجلس حقوق الإنسان
كما أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، متهماً المجلس بـ”التحيز المزمن” ضد إسرائيل وعدم قدرته على تحقيق الإصلاحات المطلوبة، وكانت إدارة ترامب قد انسحبت من المجلس في عام 2018 لأسباب مماثلة، قبل أن تعود الولايات المتحدة إلى العضوية خلال عهد الرئيس بايدن بين عامي 2022 و2024.
ووصف ترامب مجلس حقوق الإنسان بأنه “هيئة تحمي الدول التي ترتكب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان”، مشيراً إلى أن المجلس أصدر في عام 2018 قرارات تدين إسرائيل أكثر من سوريا وإيران وكوريا الشمالية مجتمعة.
ردود الفعل الدولية
أشاد المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، بقرارات ترامب، واتهم مجلس حقوق الإنسان بـ”الترويج لمعاداة السامية المتطرفة”، ووصف “أونروا” بأنها “سلطة إرهابية تسيطر عليها حماس تحت ستار وكالة إنسانية”.
من جهتها، نفت “أونروا” الاتهامات الإسرائيلية وأكدت التزامها بالتحقيق في جميع الادعاءات، مشيرة إلى أن إسرائيل لم تقدم أدلة كافية لدعم اتهاماتها، كما تعهدت الأمم المتحدة بمواصلة دعم الوكالة وخدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.
إجراءات إضافية
إلى جانب قرارات الانسحاب ووقف التمويل، طلب ترامب من وزير الخارجية ماركو روبيو مراجعة الاتفاقيات الدولية التي قد “تعزز المشاعر المتطرفة أو المناهضة لأمريكا”، مع التركيز على “منظمة اليونسكو” التي انسحبت منها الولايات المتحدة في عام 2019 بسبب اتهامات بالتحيز ضد إسرائيل.
كما بدأت إدارة ترامب عملية تطهير واسعة النطاق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما أثار تساؤلات حول مستقبل برامج المساعدات الخارجية التي تروج لحقوق الإنسان وتدعم التنمية في دول أخرى.
خلفية القرارات
تأتي هذه القرارات في إطار سياسة ترامب الخارجية التي تتبنى شعار “أمريكا أولاً”، والتي شهدت خلال ولايته الأولى انسحاب الولايات المتحدة من عدة اتفاقيات ومنظمات دولية، بما في ذلك اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، ويعكس هذا التوجه رؤية ترامب لإعادة هيكلة الدور الأمريكي في المنظمات الدولية بما يتماشى مع مصالح “واشنطن” وحلفائها.
في الوقت نفسه، تثير هذه الخطوات مخاوف من تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق التي تعتمد على مساعدات “أونروا”، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها المنطقة.
اترك تعليقاً