مطالب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي تهدد وحدة الناتو

 يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أطلق معركة جديدة لدفع حلفاء الناتو إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو هدف طموح قد يكون صعب التحقيق بالنسبة للعديد من الدول الأعضاء في الحلف، يأتي ذلك في وقت يسعى فيه الحلفاء إلى تعزيز ردعهم ضد روسيا مع الحفاظ على اهتمام ترامب بأوروبا، وفقًا لتقارير إعلامية.

وقد أمضى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عقدًا من الزمن في محاولة تحقيق هدفه المتمثل في إنفاق الدول الأعضاء ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو الهدف الذي حققته 24 دولة من أصل 32 عضوًا حتى الآن، إلا أن ترامب يطالب الآن برفع هذا الهدف إلى 5%، وهو ما سيتم مناقشته خلال اجتماع وزراء دفاع الناتو المقرر اليوم الخميس، وكذلك في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا الأسبوع.

ومع ذلك، تواجه معظم الدول الأوروبية، إضافة إلى كندا، صعوبات في زيادة ميزانياتها الدفاعية بشكل كبير في المدى القريب، حتى لو كان ذلك مطلبًا أمريكيًا، وفي هذا الإطار، توجه وزير الدفاع الأمريكي الجديد، لويد أوستن، إلى أوروبا في محاولة لفرض سياسات ترامب، حيث صرح لشركائه الأوروبيين بأن الولايات المتحدة لن تركز بشكل أساسي على أمن أوروبا، بل ستولي الأولوية لردع الصين في المحيط الهادئ.

انقسامات داخل الناتو

وفقًا لكاميل جراند، الأمين العام المساعد السابق لحلف الناتو، فإن مطلب ترامب قد يقسم الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف إلى ثلاث مجموعات. المجموعة الأولى تضم دول البلطيق وبولندا، التي تنفق بالفعل ما يقرب من 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي مستعدة لدفع الثمن للحفاظ على دعم ترامب، أما المجموعة الثانية فتضم دولًا مثل الدول الاسكندنافية والمملكة المتحدة، التي تنفق حاليًا نحو 2% وتدرس رفع إنفاقها إلى 2.5% أو 3%، في حين تواجه دول مثل بلجيكا وإيطاليا صعوبات في تحقيق حتى الهدف الحالي البالغ 2%.

وحذر دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي من أن الانقسامات العميقة بشأن الإنفاق الدفاعي قد تؤدي إلى استياء متزايد بين الدول الكبرى المنفقة والدول التي تعتمد على الخدمات الدفاعية المشتركة.

التحديات الاقتصادية

من جهتها، قالت كارين بيرس، السفيرة البريطانية السابقة لدى الولايات المتحدة، إن العديد من الدول لن تتمكن من الالتزام بإنفاق دفاعي بنسبة 5% بسبب التحديات الاقتصادية، مضيفه أن سرعة زيادة الإنفاق تعتمد بشكل كبير على الأداء الاقتصادي لكل دولة.

بدوره، أكد جيدريماس جيجلينسكاس، الأمين العام المساعد السابق لحلف الناتو، أن الرقم 5% ليس “مجنونًا” كما يبدو، لكنه يتطلب التزامًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا من الدول الأعضاء.

مستقبل الحلف

مع استمرار الضغوط الأمريكية، يبدو أن حلف الناتو يواجه مرحلة جديدة من التوترات الداخلية، حيث قد تؤدي سياسات ترامب إلى مزيد من التفتيت داخل التحالف.

 وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الدول إلى تعزيز إنفاقها الدفاعي، فإن التحديات الاقتصادية والسياسية قد تعيق تحقيق هذه الأهداف، مما يهدد التضامن الأطلسي في مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *