رمضان في تركيا.. روحانية عميقة وتقاليد متوارثة تزين الأجواء

يعد شهر رمضان المبارك في تركيا مناسبة دينية واجتماعية مميزة، حيث تمتزج فيه الأجواء الروحانية مع التقاليد العثمانية العريقة، التي لا تزال حاضرة بقوة في المدن والقرى التركية، حيث يتميز هذا الشهر في تركيا بمظاهر احتفالية تبدأ من تحضيرات استقبال رمضان وصولًا إلى لياليه المضيئة بالأدعية والتجمعات العائلية، مما يعكس الطابع الإسلامي الأصيل لهذا البلد.

استقبال رمضان.. زينة وأضواء تملأ المساجد والساحات

مع اقتراب شهر رمضان، تبدأ المدن التركية في تزيين المساجد والساحات العامة، حيث تُضاء المآذن بعبارات دينية مثل “Hoşgeldin Ramazan” (مرحبًا رمضان) باستخدام المصابيح التقليدية، في تقليد عثماني يعود إلى القرن السابع عشر.

كما تزين الشوارع بالفوانيس والأضواء، وتزدحم الأسواق بالأهالي الذين يشترون المواد الغذائية الخاصة بالشهر الكريم.

أجواء الإفطار.. موائد عامرة تجمع العائلات والجيران

تتميز موائد الإفطار في تركيا بتنوع أطباقها التقليدية، حيث تبدأ الوجبة عادةً بالتمر والزيتون والماء، قبل الانتقال إلى الأطباق الرئيسة مثل:

• “الشوربة التركية” (Çorba) بأنواعها المختلفة، وأشهرها شوربة العدس.

• “البيدا” (Pide)، وهو خبز رمضاني يُعد خصيصًا لهذا الشهر، ويُباع طازجًا قبيل موعد الإفطار.

• الكباب بأنواعه المختلفة، والذي يُعتبر من الأطباق الرئيسية على المائدة التركية.

• الحلويات التقليدية مثل الكنافة والبقلاوة، إلى جانب المشروبات الرمضانية المميزة مثل “شراب التمر الهندي” و”شراب البرقوق”.

تُقام أيضًا موائد الإفطار الجماعية في الساحات العامة والمساجد، حيث تقدم البلديات وجبات مجانية للصائمين، في مشهد يعكس قيم التكافل الاجتماعي في المجتمع التركي.

مدفع الإفطار وأذان المساجد.. طقوس رمضانية راسخة

لا يزال مدفع الإفطار أحد التقاليد الرمضانية في تركيا، حيث تُطلق المدافع إيذانًا بحلول موعد الإفطار في العديد من المدن، وخاصة في إسطنبول وأنقرة وبورصة.

كما تضفي الأذكار والتواشيح الدينية التي تُتلى في المساجد قبل الأذان أجواء روحانية خاصة تزيد من قدسية هذا الشهر.

التراويح.. عبق الإيمان في المساجد العثمانية

تكتظ المساجد التاريخية مثل مسجد السلطان أحمد وآيا صوفيا في إسطنبول بالمصلين الذين يؤدون صلاة التراويح في مشهد مهيب، وتُقام في بعض المساجد دروس دينية وقراءات قرآنية بعد صلاة العشاء، ويحرص الأتراك على اصطحاب الأطفال لغرس حب العبادة في نفوسهم منذ الصغر.

المسحراتي.. تقليد عثماني لا يزال حاضرًا

يُعتبر المسحراتي من التقاليد الرمضانية القديمة التي لا تزال مستمرة في تركيا، حيث يجوب الرجال الشوارع خلال وقت السحور وهم يقرعون الطبول وينشدون الأهازيج، لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، وبعد انتهاء رمضان، يقوم المسحراتيون بزيارة المنازل لجمع المكافآت والهدايا من الأهالي تقديرًا لجهودهم.

الأسواق الرمضانية.. وجهة مفضلة للسكان والزوار

تشتهر تركيا بإقامة الأسواق الرمضانية التي تعرض منتجات تقليدية وأطعمة خاصة بالشهر الفضيل، وأشهر هذه الأسواق:

• بازار السلطان أحمد في إسطنبول، حيث تُباع المشروبات الرمضانية والحلويات التركية.

• سوق “كاديكوي” في الجانب الآسيوي من إسطنبول، والذي يشتهر بأجوائه التراثية والفعاليات الترفيهية.

• الأسواق الشعبية في أنقرة وإزمير وبورصة، حيث تتوفر المنتجات المحلية والملابس التقليدية والهدايا الرمضانية.

العشر الأواخر والعيد.. أجواء روحانية واستعدادات خاصة

تحظى العشر الأواخر من رمضان بمكانة خاصة لدى الأتراك، حيث يحرص الكثير منهم على الاعتكاف في المساجد، خاصة في ليلة القدر، التي تشهد إقامة الصلوات والدعاء والتبرعات للفقراء.

ومع اقتراب عيد الفطر، تبدأ التحضيرات لشراء الحلويات والملابس الجديدة، وتزدحم الأسواق بالمتسوقين، بينما تُجهز الأسر التركية موائد العيد التي تضم حلويات مثل “اللقيمات التركية” و”السميت”، ويتم تبادل الزيارات العائلية، مع إعطاء الأطفال العيدية والهدايا.