×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور عويض العطوي

تبوك "رمز السلام"
الدكتور عويض العطوي

‏تبوك مفردة تفردت بالحركة والعطاء من أول لحظة؛ لأنها أخذت من الفعل المضارع حركته وتجدده، ‏وأخذت من الاسم عدم قبوله للكسر، لأنها مفردة ممنوعة من الصرف، شعارها الانفتاح، فهي تنصب وتجر ‏بالفتحة.‏
‏تبوك مكان شغل حيزًا من أعظم تغيير (الدعوة الإسلامية)، بل شكلت حيزًا كبيرًا من القرآن، حتى كادت ‏أن تستحوذ أحداثها على سورة مطولة من القرآن هي (براءة).‏
‏(تبوك) مفردة شرفت يوم جرت على لسان نبيِّ الهدى صلى الله عليه وسلم غيرَ مرة، وكم اكتسبت من ‏الأهمية عند جمعِ الصحابة الكرام، وهم يسمعون هذه المفردة تلوح على ثغر المصطفى صلى الله عليه وسلم طيلة ‏الإعداد لغزوة العسرة، ولنا أن نتخيل كم سمعت الآذان آنذاك هذه المفردة تبوك وكم نطق بها لسان، وتحدث ‏بها متحدث.‏
‏تبوك مفردة ممتدة عبر الزمن والحضارات، اختارت مكانها بين الشام وجزيرة العرب، ليكون لها فضل هذا ‏وهذا.‏
‏تبوك مساحة مكانية مباركة اتسعت لحلول نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، وثلاثين ألفًا من أصحابه معه ‏رضي الله عنهم أجمعين.‏
‏تبوك مساحة زمنية مباركة، مكث فيها نبي الهدى عشرين ليلة، وقعت فيها خوارق العادات، ونوادر الحكم ‏والأقوال، وسُجلت فيها المعاهدات والكتب.‏
‏تبوك بشارة نبوية بنمو دائم، وتقدم زاهر، وجناتٍ وارفة "يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَا ‏هُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا " رواه مسلم.‏
وتمضى الأيام، وتبقى الأرض جرداء، حتى يتحقق الوعد النبوي، في هذا العهد السعودي الزاهر، لتكون تبوك ‏حديقة كبيرة في هذا الوطن المعطاء.‏
‏تبوك رمزٌ للسلام والعطاء، فرغم ضخامة الجيش الإسلامي الذي وطئها، ورغم بعد الشقة؛ إلا أنها لم يُسفك ‏على أرضها دم، ولم تحصل معركة، بل معاهدات وسلام، وخير ووئام، وهي كذلك حتى اليوم.‏
إنها مسيرة تنمية وثقافة وفكر، فمِنْ عينٍ تبضُّ بماء قليل؛ إلى جناتٍ وارفة، وحضارة قائمة.‏
ولا عجب، فتبوك كما قلنا- مفردة تمردت على الركود، وأبت إلا الشموخ، فهي لا تعرف الكسر حتى ‏ولو جرّت.‏

د. عويض العطوي
جامعة تبوك
Dr.ahha1@gmail.com
بواسطة : الدكتور عويض العطوي
 1  0