×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبد الرحمن بن سعود الحربي

اعتذر للوطن أيها المحلل النفساني
عبد الرحمن بن سعود الحربي

( مخطئٌ من يؤمن بالتحليل النفساني مشخصا لما تضمره البواطن من مشاعر تجاه الآخر ، ومخطئٌ من يحكم على نوايا الآخرين دون أن يفصح الآخرون عن نياتهم ، ومخطئٌ من يعمم خطأ فرد على جماعة ، ومخطئٌ جدا من يستند في حكمه على الآخر على أهوائه ورغباته ..)
كل هذه الثوابت والقيم التي كان يرددها المحلل النفساني ، ظلت في جعبة الأيام التي تتقلب على أهلها ؛ لتظهر اليوم حجةً يترافع بها كل وطني عن الشمال والجنوب ، وهما الحدان اللذان تجاوزا المصطلح الجغرافي إلى أبعد مدىً وطنيٍ يمكن أن يعبر عنه الولاء والفداء والتضحية.. لقد سقط الدكتور النفساني من قلوب محبيه بما أسقط على ظهره من وزرٍ لن يغفره له أبناء هذا الوطن ، حتى يعتذر منهم فردا فردا ..
أهل الشمال والجنوب ليسوا بحاجة إلى من يدافع عن وطنيتهم بعدما سطروها على صفحات التأريخ بدمائهم وأجسادهم ، وليسوا بحاجة إلى من يكافئهم على ما قدموه من ولاء وتضحية لهذا الوطن ، بعدما قدموا له ما لا يعوضه مالٌ ولا دنيا ..
يا أيها المحلل الذي أخفق في تحليله : إن أهل الجنوب الذين تتهمهم في وطنيتهم هم الذين ضربوا أروع الأمثلة في وحدة هذا الوطن ، فلم يفرقوا بين جنوبه وبين أي بقعة أخرى تحتويها خارطة هذا الوطن الكبير ، فتراهم في الجنوب والشمال وفي الشرق والغرب ، وليسوا يقيمون في تلك البقاع المترامية كما تقيم أنت ... بل يعملون في قطاعات الأمن ساهرين على أمن هذا الوطن لتنام قرير العين لا تحلم إلا بما تهمي به عيادتك ودوراتك من أموال وشهرة ..
وأما أهل الشمال أيها المخفق في تحليله ، فهم الذين علموني عشق هذا الوطن ، بعدما لم أكن أعرف عنه إلا أن طاعة ملوكه وأمرائه واجب في الشريعة ، كما هو مفهوم الوطنية في بيئتي الحجازية ، التي ربتنا على طاعة ولاة الأمر ، وأرضعتنا عشق مكة والمدينة عشقا مقدسا لا تملك أرض أخرى قداستهما فتبلغ مكانتهما في قلوبنا ، لكن أهل الشمال - وخاصة أهل تبوك - الذين وجدت فيهم عن الأهل أهلا وعن الأصحاب أصحابا ، فهم الذين لا يشك في انتمائهم الوطني إلا مريض نفسي استعصت حالته على كل الأطباء والمحللين ..
أيشك في وطنية أهل تبوك عاقل ؟
أتشك في عشقهم لوطنهم أيها المحلل النفساني ؟!
قل لي بربك ما هو تحليلك لعشرات الشهداء من أبناء تبوك الذين سقطوا في معركتنا مع الحوثيين ؟!
أم أنك ترى الشهادة في سبيل الوطن لا تعني الوطنية ؟!
وما تحليلك لتصرف آباء الشهداء وهم يدفعون بأبنائهم الصغار ليحلوا محل إخوانهم ؟!
وما هو تحليلك لإصرار الجنود - الذي شفوا من إصاباتهم - على العودة إلى أرض المعركة ليقاتلوا من جديد ؟!
أليست هذه السلوكيات تعبر عن انفعالاتهم العاطفية تجاه وطنهم ؟!
أليس التحليل النفسي يعتمد في أساسياته على الانفعالات والسلوك ؟!
ثم ما بال بعض الجنود ممن تتهمهم بولائهم للبلدان المجاورة ، يتصلون على أقاربهم في تلك البلدان ؛ ليؤجلوا صلتهم حتى ينهوا المعركة ضد العدو مع إخوانهم من أهل الجنوب ؟!
إن أهل الشمال والجنوب هم المرابطون على الثغور في هذا الوطن ، وهم حماته في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط ، وهم المعيار الحقيقي للوطنية الصادقة ، فمن شكك في وطنيتهم فهو عرضةٌ لأن نشك في وطنيته ، ومن اللؤم أن تنكر جميلهم عليك وأنت آمنٌ في بيتك على مالك وعرضك ..
أيها الدكتور والمحلل النفساني دائما ما تردد في تحليلاتك الحكمة المشهورة : لكل جواد كبوة ، وأنا أجزم على أن هذه كبوتك الأولى ! إلا أنني أخشى أنك لن تعود جوادا كما كنت ، على الأقل في قلبي الذي لا يقبل أن يشكك أحد في وطنية أهل تبوك ؛ مادام أقلُّهم تضحية يبذل لهذا الوطن ما تعجز أنت وأمثالك عن بذله .. فاعتذر لكل الوطن ؛ فقد أخطأت في حق حماته !
بواسطة : عبد الرحمن بن سعود الحربي
 6  0