×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
قسمة العمراني

ساقية عطر
قسمة العمراني

القرية التي هي حاضنة البحر [ ١٣ ]
/

( 1 / 3 )
في زوايا المستشفيات المظلمة تقفز إليك كثير من الحكايا
تفاصيل بعض المرضى وأوجاعهم تنام بجفن شبه يقظ على الأسرة البيضاء ، كل سرير يحتضن
حكاية ربما تتشابه بعض الحكايات في بعض الأشياء ولكنها مؤكدا تختلف في تفاصيلها
ساقتها طيحة عابرة إلى أحد تلك الأسرة بعد أن وسمت ساقهابكسور ثلاث
ومن هناك بدأت تفاصيل حكاية الحظ المقعد الذي تعلق بها منذ زمن ، حال وصولها غرفة الطوارئ اجتمع الطبيب
الوافد بكسرها الطازج وقام بلف جبيرته عليه مع إحدى الممرضات ثم ولى مغادرا
بعد أن اطاح بخبره المفزع على رأسها ، ربما ستكون هناك عملية وأسياخ وأشياء آخرى
لو لم تأتي أكلها تلك الجبيرة وسيكون التحويل إلى تبوك نصيبك ، تذكرت إن قريتها دائما مايتعلق مصيرها
بغيرها ، نصيب أهل تلك القرية أن تأتيهم الأشياء مؤجلة لا مثنى ولا رباع بل فرادى
جالت ببصرها في ردهات المستشفى وهي محمولة إلى قسم التنويم وتعجبت كيف إن هذا المستشفى الفتي الفاره
لا يحوى أبسط الحلول لمرضاه ، الحلول بيد طبيب وافد وهذا الوافد لا يستحق أن يحمل على عاتقه
مسؤولية أولئك الناس ( كسور بسيطة ) لا يستطيع اصدار فتوى بها وقد جُلِب لها .
كفاءات وطنية تزخر بها مستشفياتنا ولكننا لم نتخلص بعد من عقدة الأجنبي ذلك الأجنبي الذي لا ينظر إلينا سوى جثث يأصل من خلالها إلى لقمة عيشة وربما أثقل كاهل سجلات وزارة الصحة ملفات هؤلاء الأطباء الوافدين الذين ثبت عدم كفاءتهم لكثرة اخطاءهم الطبية أو لغير ذلك من الفوادح ، هناك وفي غرفة التنويم وبعد أن اطاحوا بها
شبه مُقعدة على السرير الأبيض سلمت أمرها لله وعززت وضعها النفسي المتردي بخلطة التوكل على الله
والرضاء بالقضاء والقدر وشيئا من الصبر ، تجمعت الصديقات حولها
منيره حليمه عنايه ندى سهام نوال دينا ردينة امل مشاعل هيفاء هاجر أم عمر وآخريات ... الكل سارع لزياراتها
والوقوف بجانبها فنحن شعب يؤمن ويؤمّن بالترابط والمؤازرة
كما نؤمن جيدا بالتسامح والعفو عن زلات الآخرين حتى ولوكانت قاتلة وهذا ما جعل أشباه هذا الوافد
ترتكب الخطأ في حقنا وتمضي على رقابنا دون أن يلحق بها أذى ، فثقافتنا الإنسانية تحرضهم على ذلك
هم عرفوا ملامح تلك الثقافة ودرسوها جيدا ومنها انطلقوا / عاثوا فينا جِراحا / تكبروا / تجبروا / حتى انتفخت اوداجهم
ثم تأمّرواعلينا ، ولم لا يفعلون ذلك ونحن شعب العفو عند المقدرة والصمت الرهيب في وجه المخطئ .
، الزيارة لدينا فيها شفاء واعياء للمريض ، فالزائر قد يكون وصفة شفاء معنوية وقد يكون العكس ، وفي عرفنا وثقافتنا الناس تسعى للأجر وتخفيف الألم عن المريض حتى تصبح غرفة المريض نادٍ إجتماعيا أو صالونا عائليا
يتداول فيه الزائرون القصص المشابة والوصفات الطبية وكل مايتعلق بشأن مريضهم ، في غرفتها الكل أصبح يفتي ويحذر ويعطي وصفات للشفاء من تلك الكسور وهي صامته تبحث عن مخرجا للنجاة من العجز والعودة للوقوف
من جديد بعد أن اصبحت اسيرة للجبس .
اكتشفت خلال الـ عشرة أيام التي قضتها فيها إن الوافد حاقد / لا مبالي وإن الكفاءات الوطنية
منزوعة الثقة ملقاة على قارعة التهميش وإننا سنرزح ردها من الزمن
في دهاليز سطوة تلك النظرة إن لم نشحذ قوانا ونهاجها بما يكفل لنا الحصول على ابسط حقوقنا .
نحن نهمش كثير من المنافذ التي تحفظ تلك الحقوق وابسطها لجنة حقوق الإنسان عندما تتثاقل
وزارة الصحة في اداء مهامها على الوجه المطلوب ،
مستشفى الملك خالد بتبوك الذي سار بها إليه ركب الإنقاذ خُيّل إليها لحظة دخول الطوارئ
إنه مستشفى القصر العيني بالقاهرة والذي دأبنا رؤيته في المسلسلات
كنموذجا للإزدحام وسوء الخدمات وكثافة المرضى ، ولكن النظر لمن هم أخطر إصابة هو مايحتاجه المريض
كي يقنع نفسه بالشفا ويهب نفسه شيئا من الصبر في مثل تلك المستشفيات ، فقد بات حال مستشفياتنا مزريا للغاية
والطاسة مازالت ضائعة فنحن لا نعلم أين الخلل وإن عرفنا موضعه دفنا رؤوسنا في التراب كالنعام .
المرافقين في الغالب هم من يقومون بعمل الممرضين ، رأيت ارتياحا كبيرا منهم لهذا الأمر
ومن لا يوجد معه مرافقا فنعسا له ، بل ويل له فلا أحد يستجيب استجابة سريعة للنداءات العاجلة من المرضى
والمشكلة إننا تعودنا ذلك وصمتنا عليه بل أوجدنا له حلولا حيث يقوم بعض المرافقين بخدمة أكثر من مريض
في وقت واحد ، فثقافتنا الدينية والإنسانية زرعت بداخلنا تقديم المساعدة للمحتاج
حتى لو ساهم ذلك في تقاعس الممرض عن اداء واجبه وحقنه بجرعة
اللامبالاة والإتكالية ، كم من المرضى يرزحون تحت وطأة الإهمال وكم سبب ذلك الإهمال من سوء في حالتهم
ومضاعفة ألامهم وأحيانا وفاتهم ، الأطباء هناك مسيدون لا يقبلون حتى مناقشتهم
وإن اجابوا على أسئلتك بخصوص حالتك ومايعتريك من ألم فهم يجيبون على مضض ولسان حالهم
يقول كفى ، لم أشاهد طبيبا دخل تلك الغرفة وهو يرسم ابتسامة على وجهه
حتى بتُّ افكر في ذلك الذي منحهم لقب ( ملائكة الرحمة ) وكيفية خلع اللقب عنهم ، بل وصل بي التفكير إلى نعتهم
بالعكس تماما .


/
كل القرى ياحقلي كـ أنتِ ترزح تحت وطأة
اللامبالاة فلا تبتئسي ستبقين كما أنت ( قرية ) صغيرة
مهدر دمها على خط التهميش ، وسيتعلم الوافدون
الحلاقة في رؤس أبناءك الصابرين .


- يتبع -


أوراق تتناولها امرأة من حقيبة العمر
لتحتفظ بها في صناديق الذكريات
وتهديها لـ ملفات التاريخ




الورقة السابقة ↓↓


http://www.sada-tabuk.com/articles-a...how-id-996.htm


تويتر : @Saqyat3trً
بواسطة : قسمة العمراني
 12  0