×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سامي أبودش

الفقر دائما ما يصنع الرجال!
سامي أبودش

لا تحزن لأنك فقير .. فالفقر دائما ما يصنع الرجال، وجعل منهم ذو هيبة وعظمة، وذو مكانة عالية وسلطة في مجتمعهم، فأصبح لهم شأن ووزن وثقل كالجبال، فالفقر لربما صنع رجلاً سيد الرجال وذلك من حاجته ووضعه فتعلم أنه لابد أن يكون للحياة كفاح، فكان أحكم الشباب وأرجحهم عقلاً وأكثرهم تروي في الأمور ومعاينة الحياة بالشكل الصحيح، وأيضا لربما صنع الفقر لصاً، فتعلم أن يتغلب على وضعه الصعب بأسهل الطرق، وعليه .. فإن الرجال تصنعهم المواقف، وليس كل ذكر رجل، وليست كل انثى امرأة، ولكن البيئة هي من تحدد من هم الرجال ومن هم اشباه الرجال، فالرجل ليس بشواربه ولا بعصبيته أو قواه البنية .. الخ، وإنما الرجل بفعله السديد ولمن تصنعه قسوة الحياة، فالفقر نوع من انواع القسوة للحياة، وكم من فقراء بنوا وصنعوا لهم ثروات بعقلهم وحكمتهم، وكم كان الفقر قويا وكثيرا بالحكم والأمثال، وكذلك بالأدب وبالقصص والأقاويل التي نقلت وتداولت على مر الأزمان، والتي كان منها: أن الفقر ليس عيباً لكن من الأفضل إخفاؤه، والفقر قميص من نار، وأن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الكرم حسن الخلق، ولا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، وليس الثراء والفقر هو ما يجعلنا سعداء أو تعساء، بل إننا كثيراً ما نلاحظ العكس، وأن الفقر لا يسبب التعاسة في حد ذاته لكن المشاكل المترتبة عليه هي التي تجعل الإنسان تعيساً، وإذا كان الفقر أبا الجرائم فإن قلة العقل أمها، كما أن الفقر يصنع لصوصا كما يصنع الحب شعراء، والفقر يقضي على جميع الفضائل وهو في البر أفضل من الغنى في البحر.

يقول الإمام الشافعي: جوهر المرء في ثلاث: كتمان الفقر حتى يظن الناس من عفتك أنك غني، وكتمان الغضب حتى يظن الناس أنك راضٍ، وكتمان الشدة حتى يظن الناس أنك متنعم، كما يقول أحد الحكماء: لا يعاب المرء على الفقر الذي يعيشه، ولا قبح شكله، فليس له في ذلِك حول ولا قوة، إنما يعاب على قبح لسانه ودناءة أخلاقه، لذا علينا أن نعلم بأن الزمان لا يثبت على حال كما قال عز وجل: (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، فتارة فقر وتارة غنى، وتارة عز وتارة ذل، وتارة يفرح الموالي وتارة يشمت الأعادي، والعاقل من لازم أصلاً على كل حال: وهو تقوى الله، والمنكر من عزته لذة حصلت مع عدم التقوى فإنها ستزول وتخليه خاسراً، كما أن الفقر ليس خطيئة وإنما الخطيئة أن يكون المرء غنيا فيهين الآخرين، لهذا .. طوبى للفقراء، فبفضلهم يمكننا أن نتقرب إلى الله، قال تعالى: ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) ( النور: 32 )، وفي الختام ..علينا أن لا ننسى تلك الصورة الرائعة والتي رسمها الفنان العالمي "بوب روس" والذي يصف فيها حالته وهو طفل، حيث ترك التعليم وذهب ليبيع الحلوى بجوار المدرسة من أجل أن يساعد والدته في تربية اخواته ! "بوب" علق علي تلك الصورة قائلاً "الفقر عدو تكافح لأجل أن تهزمه، الفقر هو من جعلني الآن فنان عظيم، الفقر كثيراً ما يصنع رجال".

سامي أبودش
كاتب مقالات.
https://www.facebook.com/sami.a.abodash
بواسطة : سامي أبودش
 3  0