×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

القائد المنتظر
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

القائد المنتظر

إن لغة الخطاب الدولي الحديث جعلت العرب ضمن صنعة التخلف التي يزاولونها ، حيث مازالوا لايقيمون للمؤسسات المدنية دورا ، بل يقبعون في ظلام دامس وعندما يشتد البأس وتفسد السبل وتفقد الجماعة ثقتها في مقدرتها الجماعية على التحكم في أمورها وإنقاذ نفسها مما تعانيه ، نبدأ في إنتظار المنقذ المخلص وسمه ماشئت من الاسماء العتيدة التي تحرك أخيلة البسطاء من الناس في غمرة يأسهم من عدالة التاريخ .
إن شوق الشعوب والأمم إلى القائد البطل ليس خطأ ولا عبثا بل تعبير عن وعي جماعي صادق بضرورة القائد ، إن المتشوق للصعود إلى مدارج القوة والتفوق والخروج من أزمات الخمول والتخلف يحتاج كي يلحق بالعصر إلى لحاق بقاء ووجود ، ثم لحاق استمرار الوجود ، وانتهاء إلى لحاق محاكات ، ثم تنافس المشغول حقيقة لاوهما وعليه أن يستحضر الحكمة التي تقول أعرف الماضي وشخص الحاضر وتنبأ المستقبل .
إننا أمام تعقيدات الحياة وتكالب الدول بحاجة إلى ثلاثة عناصر للنهوض بهذه الآمة ، قادة وطنيين أبطال ذوي رؤية وعزيمة ، وشخصيات جذابة وشجاعة لاتستنكف عن الإستعانة بذوي الرأي الراجح ، ومجتمع مدني مؤسس يسمح للآراء بأن تتحاور وتختلف وتتلاقح وتتولى مساعدة القيادة لبلوغ الأهداف الوطنية العليا ، وإطار وطني يعمل من خلاله القادة الوطنيون لتحقيق الأهداف المشتركة والبحث عن الإطار القانوني ليلوغ تلك الأهداف.
الأمة في عصرنا الحالي متلهفة إلى ظهور القائد المظفر الذي يعوضهم عن القادة المرتزقة الذين كشفتهم الأوضاع وظهر للناس أنهم إنتهازيون مهزومين ، وقد ظهر في الخطاب الإجتماعي الحديث للأمة العربية قيمة القائد المنقذ وتعزيز قيمة المجتمع المتفوق ، فالقائد لاينسل من صفحات التاريخ ولكن يولد من رحم الأمة حيث كلما داهم الأمة العربية مصيبة ، صاح الناس كلهم أين البطل أمثال طارق بن زياد، وصلاح الدين ، ومحمد الفاتح وغيرهم من رموز الخلاص والنصر في تاريخ الأمة . والمتأمل في الواقع العربي يرى إنه بأمس الحاجة لظهور القائد ، العالم اليوم غيره بالأمس ، وعقدة التميز ومأزق المفاضلة لم يعودوا الخطاب الأمثل ، فمن يملك السيرة الذاتية لملامح هذا المنقذ حتى يمكننا التعرف عليه دون أن نخدع كما خدعنا بكثير من قبل .

على كل حال فان علامات الصدق والأحقية في القائد المنتظر لقيادة الناس هي صحة تدينه في ذاته ، وتقريبه أهل الاخلاص والحكمة ، وتناغم جهوده بتبني مشروع الإسلام والأمة بشموله ووضوح خطواته ، وبناء الثقة مع شعبه وفئات مجتمعه ، والتمكين لمشروعية الحياة من خلال إقامة المؤسسات التي تضبط عملية ترسيخه في الواقع ، مؤسسات تربوية تضع الإنسان على عين الدين والعلم، ومؤسسات سياسية زكية وذكية تحكم بالعدل والإحسان وتحترم الأنظمة والدستور ، ومؤسسات تشريعية واعية لمتطلبات المرحلة ومقتضيات العقيدة وحاجة الأمة ، ومؤسسات تنفيذية لاتأخذها في الحق لومة لائم ، وأمة واعية تدفع بفلذات أكبادها في مسارح العلم وقلاع الصناعة وقيافي الزراعة لتأخذ طريقها إلى دروب العزة والكرامة.
قصادى القول هو أن التاريخ يصنعه القادة العظام بيد ان الأمم وعلى راسها هذه الأمة ، لم تقف جامدة في الإنتظار وإنما واصلت جهادها وحراكها بما توفر من وسائل ، وهي التي تملك مقومات القوة عندما تخلص نفسها من ركام التخلف الذي كسبته من أيدي أبنائها ومكائد أعدائها ومن عوائق التقدم الذي وضعه الأعداء في طريقها .


عضو مجلس المنطقة
اللواء المتقاعد
عبدالله بن كريم بن عطية
بواسطة : عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
 3  0