×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

العقل البشري ناقل وناقد
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

الأنسان ذلك الكائن الحي اللا نهائي التعقيد صاحب الرأي و الفكر صاحب المبادئ والقيم يعتز بمبادئه وأفكاره وقيمه يحترمها يغار عليها يراها ثمينة جدا لديه. لذا كان العقل البشري مصدر الفكر الذي بسببه تطورت حياة الأنسان فكان السبب في المكتسبات والنجاحات البشرية الضخمة التي غيرت حياة الأنسان.

أن منجزات العلم ماكانت لتكون لولا ميزة العقل ولا يختلف في ذلك أثنان فهذا مجال الحياة الدنيا "أنتم أعلم بأمور دنياكم" والعقل بذاته ينقسم إلى عملين هما اللذان يتلقيان المعلومة "المدخلات" ويعالجنها ليصنعا "المخرجات" والتي تشكل في النهاية اليقين في صحة المعلومة أو زيفها هذان العقلان هما العقل "الناقل" والعقل "الناقد" وهما يعملان بطريقة معقدة للغاية.

فالعقل الناقل عقل غير أستدلالي لا يحتاج إلى الأدلة والبراهين يقبل الامور دون تحري صدق القصص ولا نقدها. لايعتمد بالمنطق ولا مقاومة لديه وهو الذي يدير العمليات الحيوية داخل الجسم دون تحكم منه وهكذا بقية الأعضاء.

والعقل الناقد منطقي محلل شكاك يسأل ويتساءل هادم للأساطير عدو للخرافات، هو الذي نقرأ به. "واليقين" هو نتاج التفاعل بين العقلين هو المنتج النهائي الذي نخرج به في كل قضية تفاعل بين المنطق والعاطفة فأيهما سيغلب. فلو خلق الأنسان بالعقل الناقل فقط لأصبح كائن خياليا يحيا في عالم خيالي ولو خلق بالعقل الناقد فقط لتحول الأنسان إلى آلة مرعبة ولا أحساس أو تقدير أو خيال لديه.

ان العقلان يعملان معا لكيان واحد وهو عقل الأنسان ولا أنفصال بينهما الأشخاص ذو العقول الناقلة لا يطيقون ان يدفعهم أحد إلى أعادة النظر في قيمهم وأفكارهم ومبادئهم إنهم يخشون ان يتضح زيف مانقلوه أو أنهم كانوا على خطأ حيث لا يريد الناس أحيانا سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون رؤية أوهامهم تتحطم، ويرون أن نقد الأفكار التي نشؤ عليها سيأخذهم من منطقة الأمان إلى عدم الأستقرار الى الشك والحيرة والتفكير الذي لم تعتاده عقولهم الناقلة الكسولة.

هذه العقول تقع دائما في شرك الانخداع في البلاغة اللفظية للمتحدث ومن المؤكد إن للاوهام لذة مكلفة غير أن تقويض الأوهام اكثر كلفة.

العقل الناقل يخشى المصادمات يفضل الأستقرار حتى لو كان أستقرار في الحضيض فهو غير قادر على قيادة نفسه بنفسه يخشى الخلاف ويكره الخروج عن القافلة يفضل الأنتماء إلى جماعة سواء أجتماعيا أو سياسيا أو دينيا تقوده وتتحمل عبئ القيادة وربما يكون هذا الإنتماء فكريا والسلطة ترسخ لهذه العقول لانها عقول لا تخالف ولا تتذمر.

أما العقول الناقدة، عقول متجدده ومجدده لا ترضيها القوالب ولا تحتويها عقول منطقية وموضوعية تواجه الحقائق مهما كانت صادمة لا يوجد لديها مشكلة أن يثبت خطأ ماتعتقده أو تتبناه من أراء كثيرة الأصطدام بالآخرين وأفكارهم.

عقول تريد الأصلاح الأجتماعي بغض النظر عما في ذلك من ضعف أو تفوق. ترفع صوتها ليعلو على الأصوات العالية المنتشرة بكثرة تواجه العالم احيانا تريد أن تراه بعينها هي.

اصحاب العقول الناقدة كثيرا مايواجهون المتاعب بسبب صدامهم مع المتعارف عليه"الموروث" و وقوفهم ضد التيار الفكري السائد لا يطرح سلوكه على بساط البحث ويرفض رؤيته مهينا محتقرا ولا ينكره ولا يخونه مهما كان الثمن متحمس لوطنه ومصلحة الدولة وخلاص الأمة والدفاع عن الأرض.

لا يسير خلف أختيار الأخرين دون فحص هذه العقول مصدر مخاوف وقلق هؤلاء الشجعان الذين ينعتون بالجنون والطيش أحيانا تلك العقول التي تحلل وتقارن وتراجع وتبحث وتفترض تبدأ بنقد الأفكار ثم تتمرد وتثور تفضل التحدث مع العقول أمثالها وتترك شأن الجهالة للجهلاء ؛ لذلك تقوم السلطة بقمعهم أستباقا فقد نفي ابن "رشد" وأحرقت كتبه وحوكم "سقراط" واعدم وأغلق السادات "مجلة الطليعة" كل ذلك يحدث من أجل أحتكار الحقيقة وكأن الحياة نفسها تلفظ كلمة الحقيقة ترفض فكرها و وجودها.

والأنسان منذ نشأته يريد ان يفهم العالم يدركه يفك رموزه، يحل طلاسمه، العالم مليء بالفراغات والكون مليء بالأسئله فراغات لم يتمكن الأنسان من ملئها وأسئله يتعذر الأجابة عليها. والشك يحوم حول الأنسان في كل شيء فيما يراه أو يسمعه لأن الحواس تخدع أحيانا والأدراك الحسي يتم عبر مراحل طبيعية خارجية وعصبية فسيولوجية ؛ نقل المعلومة الملتقطة من الحواس الى المخ" ونفسية عقلية حيث يترجم العقل تلك المعطيات فيأخذ منها المعاني والحقائق وكل مرحلة لها بصمتها على المعلومة ولا يمكن مدح العقل الناقد على حساب العقل الناقل لكن يجب التفريق بينهما والتعصب صفة اصيلة في العقل البشري والحياد أمر طارئ عليه.

عضو مجلس المنطقة
اللواء متقاعد/ عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
بواسطة : عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
 1  0