×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سعود العمراني

كيف تموت القبيلة؟!
سعود العمراني

قرأت في صحيفة صدى تبوك مقالاً بعنوان (موت القبيلة!) يطالب كاتبه بإلغاء اسم القبيلة من الهوية و ذكر أن ذلك مما يزيد اللحمة الوطنية !! لا أدري حقيقة على أي فكرة أو نظرية إجتماعية اعتمد أو أي كتاب استقى منه هذه الفكرة. ليته حقيقة تمعن في طلبه أو على الأقل دعمه بتجربة إجتماعية في دولة اخرى ليقنعنا و ليته نظر إلى أعظم الدول مثل بريطانيا و أسبانيا التي ما زالت تعتمد نظام العائلات و الألقاب الإجتماعية إلى وقتنا هذا و مع ذلك هي مصنفة من دول العالم الأول فكيف تم ذلك؟! قد لا أبالغ إن قلت أن كلامه أشبه إلى حديث مجالس منه إلى مقال إجتماعي يناقش موضوعاً حساساً مثل هذا و سأرد عليه في عدة نقاط و أتمنى أن يتحملني.

القبيلة موروث إجتماعي تاريخ يتنفسه الناس في المنطقة منذ أكثر من عشرين قرناً فليس من المعقول أن تطالب بإلغائه بحجة أنهم سيكونون أفضل بدونه بل إنه من الخطأ أن تطالب بذلك لأن القبيلة هي الهوية في وقت لم تكن فيه هويات و لا حكومات فقد كان يكفيك أن تعد نسبك و الناس تعرفك فكيف تريد من الناس أن تتنازل عن هوياتها بهذه السهولة. و ماذا تريد أن نفعل بكتب الأدب و التاريخ التي امتلأت بالأنساب و القبائل و القصص؟! و ما هو النظام الإجتماعي البديل الذي تقترحه؟! و ماذا يفعل الفرد بشجرة العائلة التي يملكها؟! هل نطالبه بحرقها و التبرؤ منها و ممن فيها؟!

قد أكون من أكثر من تكلموا في هذه الصحيفة عن المشاكل التي يواجهها أبناء القبيلة في المدن و لكني ضد أن تطالب الناس بالتخلي عن تاريخها و تدَّعي أن ذلك مما يزيد اللحمة الوطنية لأن الوطنية ترتفع لدى الفرد كلما نال حقوقه المدنية و ليس بإلغاء ثقافته و تاريخه. الحكومات مطالبة بحماية المواطنين من العنصرية بجميع أشكالها من قبلية و غيرها لأن الفرد عادة يشعر بالإنتماء و الولاء لمن يحميه و هذا سر بقاء النظام القبلي قائماً بخلاف الأنظمة الأخرى. حقيقة أعتقد أن أعظم إنجاز قامت به الحكومة السعودية في السنوات الأخيرة هو تفعيل الحكومة الإلكترونية حيث قضت على كثير من العنصرية و جعلت المواطن يتعامل مع جهاز لا يعرف من أي أرض أو قبيلة هو فيذهب للدائرة الحكومية و هو مطمئن أن معاملته ستنجز بدون فزعة ابن عم أو خوف من مزاجية أحدهم لأنك لست من قبيلته.

الحديث عن مشاكل القبيلة لا يعني المطالبة بإلغائها و لكن هي محاولة في تفسير عدد من المشاكل الإجتماعية و محاولة علاجها لا أكثر. أضف إلى ذلك أن المجتمع الان في تطور من ناحية موضوع القبيلة فرفض التزاوج بين القبائل يكاد يكون قد انعدم و لكن تبقى هناك بعض العنصرية التي ستنتهي مع الوقت فكلما زاد مستوى التعليم زاد مستوى الوعي و قلت العنصرية. الفخر بالأحساب شيء مستمر في هذه الأمة إلى قيام الساعة كما ورد في الحديث و بذلك نعرف أن النظام القبلي مستمر إلى ذلك الوقت و لهذا من المنطق أن نحل المشاكل المرتبطة بموضوعه بدلاً من المطالبه بإلغائه و الإصطدام مع مجتمع كامل، لا؟!
بواسطة : سعود العمراني
 9  0