×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم العطوي

الرئيس "ترامب" والتوجس العالمي
عبدالله بن كريم العطوي

يتضح من سيرة الرئيس ( ترامب ) أنه عندما كان في ريعان شبابه كان شابا متفلتا متمردا مما حدى بوالده إرساله إلى المدرسة العسكرية اعتقادا منه بأن تلك المدرسة ستجعل منه شخصا منتظما ، وقد أكد ترامب لاحقا عدم استيائه من تصرف والده بل انه يقدر ذلك ويتفهمه، لم يخفي الرئيس ترامب شيئا من مكوناته أثناء حملته الإنتخابيه بل قال كل ماكان يؤمن به ، ومضت قافلته رغم كل ذلك حتى وصلت بسلام إلى ابواب البيت الأبيض ليصبح بذلك الرئيس (٤٥) مخالفا كل التوقعات التي كانت ترجح فوز منافسته ( هيلاري كلينتون ).

وصل ترامب إلى سدت البيت الأبيض غير مكترث بغضب المعارضين في الداخل الآمريكي والكثير حول العالم وترك لهم المجال ليخوضون ويدلون بأرائهم ، حيث أشارت صحيفة ( لاتربيون ) الفرنسية أن فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية ( تسونامي سياسي ) لأن صعوده قد كسر كافة التوقعات مثل سابقه ( البريكست ) عملية خروج بريطانيا من الإتحاد الآوروبي ، وقالت صحيفة (لبوان) الفرنسية إن وصول الملياردير ذو السبعين عاما لقيادة أكبر قوة في العالم قد يحدث زلزالا سياسيا واقتصاديا عالميا.

إن فوز ترامب المختلف والمختلف عليه يعلن تدشين مرحلة جديدة لأقوى بلدان العالم ، ترامب الذي جاء بطائرته وثرواته الهائلة يحمل بين جوانحه مبدأ عدم الإعتراف بحقوق الأقليات ، والمهاجرين ، وله نظرة خاصة حيال النساء ، ويخفي في ضميره السياسي كثيرا من المفاجأت التي أفتقدتها أمريكا خلال سنوات حكم أوباما.

لقد تعود ترامب على التعامل مع حفنة من المديرين يفوض لهم الصلاحيات ولايقبل منهم إلا الولاء التام ، وقد اتسم بقلة الصبر وعدم حب الإجتماعات الطويلة المثقلة بالنقاشات والتفاصيل ، وهو معتد ومزهوا بنفسه بأنه شديد الذكاء في ادراك التوقيت المناسب لإبرام الصفقات ، لم يكن سياسي معروفا لكنه عبر عن مكنوناته طيلة السباق الإنتخابي متحديا كافة الاعراف الديمقراطية العريقة التي الفتها امريكا منذ العام (١٧٧٦)، وكانت خطبه أثناء الحملة الإنتخابية تشبه طلقات عشوائية متفرقة اطلقها في كل اتجاه مما جعل موجات الكراهية العنصرية تتصاعد في الغرب نحن إذا أمام رجل غامض ستؤثر قراراته في الوضع العالمي وحسب أعتقاد ( جون كلودبوتكر) رئيس المفوضية الأوروبية فإن العالم سيهتز خلال العامين الآولين من عهد ترامب ، وهي فترة تجواله في العالم السياسي الذي لم يمارسه من قبل.

الرئيس ترامب مشهود له بالاندفاع وحب المغامرات ، وهو استعراضي يلبس مواقفه لباسا نفعيا ، والعالم اليوم يقف مشدوها فأمريكا تتربع على رأس المنظومةالدولية كقوة مهيمنة متفوقة على مجموعة القوى المنافسة لها ، مستندة إلى وجود بيئة إقليمية استراتيجية آمنة ومستقرة ، وبيئة داخلية يعززها نظام ديمقراطي ، وتفوق معرفي وتكنلوجي هائل ، وترسانة عسكرية متفوقة ، وموارد اقتصادية طبيعية هائلة ، وقوة ناعمة متفوقة لايوازيها أي قوة أخرى ، وتحالف عسكري دولي لانظير له ( حلف النيتو ) وهي من صمم الشق الأكبر من النظام الدولي الحالي مثل الأمم المتحدة ومشتقاتها.

وقد حذر الرئيس المنتهية ولايته ( أوباما ) من أخطار القومية ( الفظة ) وأنضم له الرئيس الفرنسي ( هولاند ) وهذه التحذيرات تأتي في ظل التطورات الدولية وفي مقدمتها الطابع المتشدد الذي بدأ يطبع الإدارة الأمريكية المقبلة للرئيس ترامب، لذا فالأمر يتطلب كثيرا من التواصل مع الإدارة الأمريكية الجديدة وتلافي الانهيار الكامل في الفكر الرسمي العربي والابتعاد عن هيمنة امال القبول من ترامب كدول يعاد جدولة صداقتها لمصالح واشنطن حيث الميزان مختل خاصة في المشرق العربي والمشرق الإسلامي ، وقد كان الشرق الأوسط في الماضي منطقة القضية الواحدة ، والأن أصبح أخطر موقع على وجه الأرض ، لأنه صار منطقة فوضى ودمار خارج عن السيطرة .والوضع في منطقة الخليج العربي أصبح أكثر حساسية حيث أن عاصفة الرئيس ( ترامب ) سوف تستمر أربع سنوات و الذين فرشوا طريقه للرئاسة هم مرضعي بوش وعلى خطاهم يسير ومنطقة الخليج مسرح مناسب لإستعراض القوة والجنون قادم لامحالة ، وليس في مقدور الخليج مواجهة أمريكا ، فكيف يواجه التنسيق الروسي الأمريكي الإيراني ، ويجب أن يعلم أهل الخليج بانه لم يعد أولوية أمريكية ، فيجب الأخذ بالحسبان إمكانية تطور التعاون الأمريكي الإيراني ، وان تصبح إيران شرطي الخليج مجددا كما كان الوضع في عهد الشاه ، الأن وصل الرئيس ترامب لتنظيف البيت الأبيض ومن الممكن أن ينفعل ويحسم القضايا التي فشل فيها سلفه ، والعالم يترقب اين ستقع العاصفة.

هناك استمرارية هائلة تختبي تحت اكوام الاخبار اليومية لتوجهات الرئاسة الأمريكيةالتي أخذت من مجتمعاتنا العربية ماأخذت ، وأثبتت لنا أن أمريكا تتحكم فيها ، لذا علينا الخروج من الفقاعة في الحال علينا أن نتوقف عن العيش في حالة إنكار ، علينا مواجهة أنفسنا بالحقيقة التي نعلم أنها واقعية ، نحن نرغب في حدوث الأفضل ولايمكن تحمل المزيد من الأخبارالسيئة ،والحالة الذهنية تلجأ إلى التصرف المعتاد عندما يكون شيء مرعب يحدث بالفعل ، والخليج بقيادة المملكة لديه كثيرا من الامكانات التي تستند على اكثر من مليار مسلم يمكن التلويح بتجيبشهم عند الحاجة من خلال اعلان الجهاد، وايجاد اعلام وطني يجمع ولا يفرق ويصارح الناس ويكرس التلاحم ، اعلام لايخجل من هويته الدينية ويجب أن يفتخر بها اعلام يبتعد عن الخطاب المزدوج المحافظ في الداخل والمنفخ في الخارج، فهل ياترى ينقشع الغمام وتذهب الكوابيس وتنتشر سحابة الامل لتبعث في العرب استيقاضا من نوم عميق والله يقول (ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).

عضو مجلس المنطقة
اللواء المتقاعد/ عبدالله بن كريم بن عطية
بواسطة : عبدالله بن كريم العطوي
 3  0