×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

الوطنيّة في مفهوم السّتّ بهيّة!
شتيوي العطوي

أهلا بكم من جديد، وبعد:

دخل متولي المطبخ، فوجد " بهيّة " تفرم الملوخية، فانشرحت أسارير مصارينه، وأخذ يشدو بألحان " عيون بهية ". وقبل أن يسألها إن كانت ملوخية بالأرانب أم بالدجاج، وقع بصره على فرختين في الطشت، فعلم أنها ملوخيّة بالدجاج. ولأنه لا يحب المستورد، سألها عن مصدره، فأخبرته بأنه "وطني " مشبع بهرمونات الوطنية !

تذكر متولي أن الكل في العالم العربي يتحدثون عن الوطنية بما فيهم الحرامية والشبيحة والبلطجية، لذلك سأل بهية عن مفهومها للوطنية، فحركت براطمها متبرمة وقالت: دا وقته يا متوليّ ؟!

وحين أصرّ على معرفة الجواب قالت له: روح إسأل أمك يا متولي!
رفع متولي المغراف في وجه بهية وقال غاضبا: إيه اللي جاب سيرة أمي يا بهية؟

فردت بهية بغضب: أصلها أم المفهوميّة، تعرف كل المفاهيم: امبريالية، شيوعية، اشتراكية، رأسمالية. روح اسالها. وما تنساش تسألها عن الصهيونية.
- سلامة أمك يا بهيّة !
كاد مفهوم الوطنية أن يشعل صراعا بين متولي وبهية، ويلغي طبخة الملوخية ، فكلاهما واقع تحت تأثير " صراع الحموات ".
ولأن الست بهية تعلم أنها الخاسر الأكبر في مواصلة الجدال، وقد يؤدي إلى خراب البيت، وأن الأولاد سيبيتون بلا عشاء، لذلك نفضت يديها وقالت بصوت وصل آذان العيال:
- عايز تاكل ملوخية يا متولي؟
- أيوه يا بهية!
- طب سبنا من حكاية أمي جمالات، وأمك فتحيّة، وحط إيدك في إيدي خلينا نعمل ملوخية .
وبما أن متولي كانت مصارينه تزقزق جوعا لذلك امتثل لجكمة بهيّة وأن الملوخية الآن أهم من إثارة أية قضية، فعمدت بهية إلى كمية من البصل والثوم ووضعتهما بين يدي متولي فنظر إليها بدهشة قائلا : إيه دا يا بهية ؟
- مش إنته عايز تعرف مفهوم الوطنية، قطّع البصل والثوم يا متولي !
أخذ متولي يفرم ودموعه تسيل على خديه، فنظرت إليه بهية وقالت ساخرة:
- بتعيّط يا متولي ؟
- أيوه يا ستي، من حرقة الوطنية .. حاجة أولها بصل حيكون آخرتها إيه ؟.. زغاريد يا بهيّة!
كانت بهية ذكية في مجال المفهومية ، فأدركت أن أي مفهوم لن يدخل نافوخ متولي إلا بالتطبيق العملي، لذلك أشارت عليه بعمل " التقليّة " فشرع يقلقل، ويسأل نفسه إن كانت التقلية هي الأخرى ركن من أركان الوطنية .
ظل متولي في المطبخ يتابع عن قرب تطورات طبخة الملوخية، أملا في أن يحصل على تعريف لمفهوم الوطنية. وكلما أراد الخروج لمتابعة النشرات الإخبارية ، ألزمته بهية في قضية من قضايا الملوخية إلى أن وضعت السفرة ، فاجتمعت العائلة على سفرة واحدة، بعد أن كادوا أن لا يجتمعوا، ومع مذاق الملوخيّة نسي متولي مفهوم الوطنية، إلا أنه تذكر بعد حين، فسال بهية ، فصكت وجهها وقالت : يا خبر ! هوّه احنا عملنا إيه في المطبخ يا متولي ؟
فقال ضاحكا: عملنا ملوخية يا بهية !

لفد أدرك متولي حكمة بهيّة ، ومفهومها الحقيقي للوطنيّة. وبعد الملوخية جلس يتابع نشرات أوطان العرب ووطنياتهم القائمة في الأصل على مبدأ " انتو شعب، واحنا شعب"!

والسلام
بواسطة : شتيوي العطوي
 4  0