×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم العطوي

العرب بين سندان إيران ومطرقة أمريكا!
عبدالله بن كريم العطوي

عندما انتهت الحرب العالمية الأولى قامت الدول المنتصرة بتأسيس نظام اقليمي في منطقة الشرق الأوسط وفق اتفاقية ( سايس بيكو ) لحفظ التوازن الإقليمي ومنع المنطقة من الخروج عن السيطرة ، وقد تكون النظام الإقليمي من ثلاث قوميات ( التركية ـ الايرانية ـ العربية ) ممثلة في كل من (تركيا ـ ايران ـ مصر ) وصنفت ههذه الدول بأنها متوسطة القوة ، وأعتبرت بقية دول المنطقة صغيرة وتضمن هذا النظام شروط تمنع التحالف بين الدول الثلاث وقيام الحروب بينها ، ويجوز لهذه الدول التحالف والتعاون مع الدول الصغيرة في المنطقة فتكونت الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسوريا ) وتم التعاون الوثيق بين ( اسرائيل وتركيا) وبعد الحرب الكونية الثانية ظهرت أمريكا وروسيا كقوتين وقامت الحرب الباردة بين القطبين الجدد واجتاحت دول الشرق الأوسط موجة من الإنقلابات العسكرية ، وتتالت الأحداث فكانت قمة ( كامب ديفيد ) التي عزلت مصر عن محيطها العربي وقد سجل عام ( ١٩٧٩م ) بدء مرحلة القلق السياسي بعد سلسلة من الخضات الداخلية والإقليمية والخارجية التي تراكمت في منطقة الشرق الأوسط ، وحدثت الثورة الإيرانية التي كرست ولاية الفقية واندلعت عام (١٩٨٠) الحرب بين العراق وايران مما زرع هوسا عاما وأفسح المجال أمام تشخيصات تشاؤمية حيال مستقبل المنطقة ، وأتضح إنها سريعة العطب مما حدى بمستشار الأمن القومي الأمريكي (بريجنسكي )الإدلاء بتصريح أثناء الحرب بين ايران والعراق قائلا (إن المعضلة التي ستعاني منها أمريكا من الآن ، هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية على هامش الحرب القائمة حتى تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايس بيكو ) وبناء على هذا التصريح وضعت استراتيجية تفكيك الدول العربية كل على حده ، وتتالت الأحداث فأحتل العراق الكويت وقامت حرب الخليج الثانية وتم تحرير الكويت ، وعندما تفكك الإتحاد السوفييتي كسب الغرب الحرب الباردة وأخذ يتدخل في مجريات الأمور لدول المنطقة بشكل مباشر ويوجه التهم لبعض دول المنطقة بأنها تشكل خطرا مستقبلا فكانت هجمات (١١ سبتمبر ٢٠٠١) التي اتهمت بها عناصر إسلامية ، وأتهمت إيران بأنها إحدى دول الشر وفي نفس الوقت فسح الطريق أمامها فأصبحت سندات لإراقة دماء المظلوميين ، ونشر رياح الارهاب في المنطقة تحت مظلة المطرقة الأمريكية وحلفائها الغربيين ، وبرز دور إيران جليا في إثارة الحروب.

لقد حلت بالعرب كارثة ابتدأ من العدوان الأمريكي واحتلاله العراق عام (٢٠٠٣) ذلك العدوان الذي لم يدمر حكومة البعث بل دمر الدولة العراقية ، وخلق الظروف الملائمة لولادة (داعش ) وامثالها من المنظمات الإرهابية لتدمير بعض الأقطار العربية ، وجعل المنطقة ملتهبة ومصدر لأزمة لاجئين عالمية وأعطى الإشارة لإنطلاق عصر الإرهاب الذي يضرب العالم اليوم .
ولا زالت دول الاستعمار قديمها وحديثها يعثيان في هذه المنطقة وما الربيع العربي الا واحدا من النتائج الثانوية ، والهزات الإرتدادية للسندان الايراني والمطرقة الأمريكية حيث صوت مجلس الشيوخ الأمريكي في ٢٩/٩/٢٠٠٧م واشترط انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، واطلاق يد ايران فيه على أن يتم تقسيمه إلى ثلاث دويلات استنادا إلى دستور (بريمر ) وحلفائه من العراقيين الذي أقر الفدرالية التي تشمل الدويلات الثلاث ( شيعة في الجنوت ، سنة في الوسط ، كرد في الشمال ) ولو رجعنا إلى الاستراتيجية الأمريكية خلال هذه الفترة لوجدنا أن رؤساء أمريكا يعلنون عدم استبعاد استخدام القوة ضد ايران، ثم يفسح المجال امامها حيث هددها الرئيس بوش الأب وتجاوز عنها في افغانستان ، ثم هددها بوش الابن عام (٢٠٠٥) وأطلق يدها في العراق ثم هددها أوباما عام (٢٠٠٨) وافسح لها المجال في سوريا واليمن ، لقد أوجدت أمريكا ايدولوجيات فتحت لها الأبواب فأصبح المشرق العربي مسرحا لدوامة الإرهاب الإيراني والمظلة الأمريكية ، وتنافست القوى العالمية على المنطقة وتكون تحالف يضم (٦٥) دولة بحجة محاربة تنظيم الدولة (داعش) وحشدت لذلك (١٠٠) ألف مقاتل وجلبت أحدث الأسلحة واكثرها تطورا ، إنها الحرب الأكثر غرابة في التاريخ (٦٥) دولة تتحالف لمحاربة تنظيم شيء لايصدق ولكنه واقع ، لقد أصبح من الصعب تمييز الآعداء من الأصدقاء في منطقة الشرق الأوسط وتعقدت الأمور فترى تحالف بين طرفين في العراق ، ونزاع بينهما في سوريا إنه مشهد غامض لايمكن تفسيره والتنبؤ بسير أموره وتحديد نهايته ، وهاهو الرئيس (ترامب) يبدأ ولايته بتهديدايران أسوة بأسلافه فهل يتبع أسلوبهم ويسمح لها بأثارة القلاقل في منطقة الخليج أو يصدق ويستغني عن السندان الإيراني ويعمل على انشأ نظام إقليمي جديد أقطابه ( تركيا اسرائيل ـ مصر ) وتكريس الشرق الأوسط الجديد واعتماد خارطة طريق للقرن (٢١) لذا فإن متابعة الأوضاع بدقة متناهية مطلب ملح ، والدول الغير فاعلة ستخسر حدودها ويتم تجزئتها وتوترات المنطقة لاتبشر بخير ولابد من اتخاذ القرارات الشجاعة للخروج من هذا المشهد الفوضوي وتجاوز خطورة المرحلة لأن البقاء في حالة الدفاع يعني الإنتحار ، والنظام العالمي الجديد يحمل كوارث متسارعة يصعب على أقوى القلاع الوقوف أمامها ولن يكون هناك مستقبل لمجتمعات تقوم على أساس المذهب والطائفة والعرق ، فهل سيعي العرب مكر الغرب حيث الكفر ملة واحدة.

عضو مجلس المنطقة:
اللواء المتقاعد/ عبدالله بن كريم بن عطية
بواسطة : عبدالله بن كريم العطوي
 0  0