×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
سالم صعيكر البلوي

الشواهد النحوية
سالم صعيكر البلوي

الشواهد النحوية
الشواهد النحوية تُعين على فهم وتشرُّب النحو لمن يحفظُها، ويداوم على تكرارها، ومن المعروف أنّ عصور الاحتجاج بالشعر العربي قد انتهت بإبراهيم بن هرمة الذي عاصرَ الدولة الأموية والعباسية
قال الأول:

النحو يبسُطُ من لسان الألكنِ
والمرءُ تُكْرِمه إذا لم يلْحن
وإذا أخذتَ من العلوم أجلُّها
فأجلُّها عندي مُقيمُ الألسنِ

هذان بيتان في فائدة تعلُّم النحو، وكيف يبسط اللسان ويكسو المرء بهاءً وجلالاً، وبه يُفهمُ كتابُ الله ولايمكن لأحدٍ أن يفقه القرآن إلا إذا حذِق اللسانَ العربيَّ الذي نزل به الكتابُ العظيمُ، وعرف أسلوب العرب في كلامها ولايكون هذا إلا بمدارسة المتون والمنظومات وشروحها والصبر على لاوَائِهَا والإيغال في تقصي مسائلها-مثل ألفية ابن مالك مع شرح ابن عقيل عليها بتحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد- فإذا تمّ هذا، كان الأمر بعد ذلك يسيرًا وقريب المنال، يقول ابن عثيمين رحمه الله-عن النحو في محاضرة له يشجع فيها على تعلُّمه_:"النحو مثل البيت الذي هو مبنيٌّ من قصب وبابُه من حديد ستعاني من فتح الباب ثم إذا فتحته تمشيّت في البيت " وهذه نظرية مُحفِّزة ومشجعة وتبيّن أنه لا مستحيل لمن أرد ذلك، فالنار من مستصغر الشرر إذا جاز هذا التعبير، عندما أرى شخصاً في (التلفزيون) قد أُعطي قدراً من العلم ثم أراه يلحن يذكرُ عليَّ بيتُ أبي الطيب:

ولم أرَ في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التّمام

فهذا النقص كان من الممكن تلافيه، لمن هم قادرون على التمام، والنحو يحتاج منّا أن نعطية وقتاً وأن نجعلَه أولوية كيف لا وهو مرتبط بكتاب الله، ولا يحلُّ كما يقول أهل العلم لمن أراد التصدي للقرآن والسنة
وتفهيمهما للناس، إلا أن يكون عنده حظ وافر من النحو وفقه العربية ودلالات الكلام العربي، والنحو وإن كانت كتبُه مُعقّدة إلّا أن كتب الأدب العربي القديم تفتح أفُقاً وتُحبب الدارسين به، أمّا بداية اللحن فإنه على بعض الأقوال كان في القرن الأول الهجر لكنه لم يصل إلى درجة الفُشُو إلا في القرن الثالث الهجرى بسبب مخالطة الأعاجم من الفرس والروم وانتشار الكلام السُوقي المبتذل بين الناس إلا أن الخاصّة كانوا لايزالون يتكلمون بدون لحن، في تلك الحقبة، أمّا في البوادي فإن اللحن لم يفشُ حتى آخر القرن الرابع الهجري حتى فسدت اللغة بعد ذلك، ويُقال أن أهل جَبَلي عُكاد في اليمن باقون على الفصاحة حتى عام ١٢٠٥هـ، أمّا أفصح القبائل الذين هم مادة اللغة فهم قيس وتميم وأسد وعُليا هوازن وهذه القبائل كانت تسكن في بوادي نجد والحجاز وتهامة والخليل أخذ اللغة عنهم وأنفذ خمس عشرة قنينة حبراً في الكتابة عن العرب ولم تزل هذه القبائل متميزة بخلوص اللغة إلى آخر القرن الرابع الهجري، كما يوضح ذلك الأزهري في "تهذيب اللغة" عندما وقع أسيراً في يد القرامطة وكان منهم عرباً بعضهم من هذه القبائل الآنفة الذكر، فالذي أدعو إليه علينا أنّ نأخذ اللغة تديناً وابتغاءً لوجه الله لأن هذا الدافع هو الذي يعطينا الطاقة التي نتبلغُ بها على السير في الطريق.


أ.سالم صعيكر البلوي
ماجستير إدارة أعمال
بواسطة : سالم صعيكر البلوي
 0  0