×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
محمد مشهور الايداء

"الخريصي" ونصف قرن في خدمة الوطن!
محمد مشهور الايداء




"الخريصي" ونصف قرن في خدمة الوطن!


image

شخصية غنية عن التعريف وأحد كبار المسؤولين الذين خدموا الدولة لمدة تفوق خمس عقود وتقاعد وكيلاً لأمارة منطقة تبوك؛ هو الشيخ احمد بن عبدالرحمن الخريصي.

"الخريصي" لم يكن موظف دولة يعمل ساعات العمل فقط ويتقاضى راتبه ثم تنتهي علاقته بالعمل بنهاية الدوام الرسمي.. لا بل كان يبدأ عمله تمام التاسعة صباحاً ويستمر اغلب اوقاته إلى الخامسة مساءً في الايام العادية ثم يعود لمنزله وبعد صلاة المغرب تجد باب منزله مفتوحاً وجلسته عامرة يستقبل كل من يزوره سواءً للسلام أو صاحب حاجة إلى الثانية صباحاً وأكثر ومن يزوره مباشرةً يحظى بالترحيب والابتسامة ورحابة الصدر المنبثقة من أصالة مبادئه وطيب معدنه ونبل خلقه وتواضعه فيطمأن صاحب الحاجة أنه عند مسؤول إن لم يكن عوناً له فلن يبدو منه أي ضرر أو تعقيد للأمور مهما كان الأمر.

"الخريصي" عاش عمره المديد باذن الله على طاعته سبحانه في هذه المنطقة منذ نعومة اظافره أخا للكبير ووالد للصغير وبدأ موظفا بسيطا حتى تربع قمة المسؤولية وخلال عقود من الزمن ثبتت كفائته ونزاهته ومرونته وزرعت الثقة المطلقة فيه من قبل كافة أمراء المنطقة الذين تعاقبوا على امارة تبوك وكان ذو حظوة خاصة لدى سمو وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله كما هو الحال لدى كل من عرفه أميرا او وزيرا أو مسؤولا أو مواطنا أو جارا.

"ابو دحيم" تميز بالفطنة وسرعة البديهة والحكمة في اتخاذ القرار وقوة الشخصية المتوجة بالعطف وتقدير الامور والعلاقات بالاخرين فكانت له أيادي بيضاء ومساعي حميدة أسهمت في حل الكثير من القضايا لما له من جاه ووجاه ووقعا في القلوب ولم انتفع يوماً بترقية أو منفعة خاصة منه فترة عملي في إمارة تبوك كي لايأتي من يظن ذلك او يتهمني بالنفاق وهو غني عن شهادتي ويكفيه مكانته وشهادة كل من عرفه.

كنت موظفا في بداياتي لايروق لي الانضباط بالعمل وتنفيذ كل مايسند لي بالدقة المطلوبة إلا اذا اتفق ذلك مع مزاجي وقناعتي الشخصية المرتكزة على قلة الخبرة وحداثة السن!!.. واستمريت بالتراخي حتى طفح الكيل وذات يوم تفاجأت بما استحقه حقيقةً صدور قرار فصلي فكانت صدمة قوية ولكن اذا كان لك أمرا مقدر من الله ورزق لن يذهب لغيرك اطلاقا.. الشاهد في الأمر أن الله يسر الامور ورفع لي وكيل الإمارة الخريصي خطابا للعودة للعمل موجهاً لديوان الخدمة بالرياض حينها كانت تربطني علاقة جميله بالرمز الراحل الأمير عبدالرحمن بن سعود رئيس نادي النصر الذي اتصل يرحمه الله باحد كبار المسؤولين بديوان الخدمة ( اعتقد السنيد اذا لم تخني الذاكرة ونعم الرجل ) فتوجهت اليوم التالي لينتهي الأمر بعودتي لعملي.

هذه التجربة صنعت مني وجها اخر لشخصية جديدة ادركت أن التمادي بالاهمال ضياع لامحال فالتزمت وعدت الى رشدي وليس بذلك الرشد المرضي عنه لكنه ضمن نطاق الدائرة المرضي عنها واستشهد بهذه القصة كدليل على حزم الخريصي اذا اتخذ قراره.

الخريصي لازال امد الله بعمره مصدرا للعطاء والسخاء وصاحب وقفات ومواقف لكل من يقصد منزله العامر أسأل الله تكون شفيعةً له.

اليوم اكتب عن هذه الشخصية التي اتعبت من خلفها كنموذجاً للمسؤول الذي نذر نفسه لخدمة دينه ومليكه ووطنه ولاشك بأن الخير يبقى في الأمة الى قيام الساعة كما اخبرنا المصطفى عليه افضل الصلاة و اتم التسليم. ولكن التنويه بهذه النماذج يتيح الفرصة لأجيال المستقبل للاستفادة من هذه المدرسو المتفردة بالتميز والابداع.


محمد مشهور الأيداء
بواسطة : محمد مشهور الايداء
 15  0