×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
صالح الريمي

هل نحن فقراء حقًا؟
صالح الريمي

الفقر المادي ربما هو فقرٌ مؤقت وقد يزول بكل يسر، صحيح أن الانتقال من حالة الفقر إلى حالة الغنى يتطلب جهدًا كبيرًا، لكن الخروج من دائرة الفقر إلى دائرة الكفاية قد لا يتطلب جدًا كثير من العمل، وهذه طبيعة الأشياء المادية يسهل تحصيلها كما يسهل فقدها، أما الفقر في عالم الأخلاق والقيم والأفكار هو ناتج عن تراكم سلوكيات خاطئة، لا تزول إلا بالعمل الجاد والتركيز على جانب القيمِ والخُلقِ عند الفرد والمجتمع..
وهنا أنتساءل ما هي الخطط العملية المدروسة؟ وماهي سُبل التقدم والتطور التي ننتهجها لتغيير سلوكنا الأخلاقي والقيمي؟ أسئلة كبيرة وإجابتها قد تكون متعبة وصعبة، ولكن يجب أن نواجها ونجيب عليها بواقعية عملية إذا ما أردنا أن ننهض بأمتنا، وأن يكون لنا مكان بين مصاف الأمم المتقدمة والمتحضرة.

سأضرب لكم أمثلة من واقعنا الحاضر، هناك شخص خلوق جدًا ومؤدب وملتزم بالأخلاق على أفضل وجه، ولكن عمل شيئًا يغضب شخصٍ ما، بغض النظر عن الشيء الذي فعله، وعندما قابله ذاك الشخص واستفسر منه قام بالكذب عليه وأخفى أنه قد فعل ذاك الشيء، خوفًا من الذي أمامه أو لأسباب أخرى، فهل يوجد هنا ما يمنعه من الكذب؟؟
حسنًا شخص آخر فقير جدًا ووجد مبلغًا من المال سقط في الطريق العام، هل هناك ما يمنعه من أخذه والانتفاع به؟؟
وشخص آخر أيضًا يريد تقديم امتحان، لكنه وجد الأسئلة صعبة ولم يستطع الإجابة، ثم وجد ورقة زميله مكشوفة، ما الذي يمنعه من الغش حتى ينجح بالامتحان؟

وهذا مثال ٱخر، لو أتيت لي بمريض منع عنه الأطباء الطعام والشراب وهذا المريض يشتهي الأكل كثيرًا، ما هو مدى إحتمال أن يأكل في أول فرصة تتاح له بعيدًا عن أعين الأطباء؟ أليس هو إحتمال عالي جدًا كما نرى كثيرًا في المستشفيات وذلك بالرغم من أن الأطباء يكونوا قد حذّروه من خطورة ذلك..
وسأضرب لكم مثالًا أبسط مما ذكرت، لماذا مرضى السكري يتحايلون كثيرًا بأكل الحلويات التي تشتهيها أنفسهم وإن كان ذلك على حساب صحتهم؟ بينما تجد أن معظم الذين يصومون في نهار رمضان تتوفر لهم فرص كثيرة للأكل والشرب في نهار رمضان، دون أن يراهم أحد، لكنهم لا يقدمون على ذلك، أليس هذا دليل قوي على أن الوازع الداخلي والديني أقوى بكثير من كل شيء؟.

فكرتي ببساطة هي؛ أنه مهما كان الشخص ذا خلق فإن هذا لا يمنع أن يقع ببعض الأمور المنافية للأخلاق، لأنه بكل بساطة لا يعتبر هذه الأمور منافية للأخلاق من وجهة نظره الحالية مادام الغاية منشودة، أو لأنه يعلم أنه لا رقيب ولا حسيب عليه..
بينما المسلم الحق الذي يملك قيم سامية ويخشى الله في تصرفاته وأفعاله، ما الذي يمنعه من الأكل والشرب في نهار رمضان، وهو جالس بالمنزل لايراه أحد؟؟
إذًا الأخلاق نفسها لا ضابط لها ولا رابط ولا معيار إلا التمسك بالدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه القيمة.

الفرق بين أن تفعل الشيء تطوعاً دون حافز أو وازع من ضمير أو معتقد وبين أن تفعله اضطرارًا أو اختيارًا بحافز وأجر، الفارق هو أخلاقك ومبادئك ومعتقداتك السليمة وأعمالك الدنيوية التي تعملها لأغراض آخروية..
لذا كمسلم يفترض أن تبتغي بأعمالك حسنات ومكاسب أخروية قبل أن تكون دنيوية، كونها نفس الأعمال الصالحة لكنك فقط قمت بضبط نواياك ومعتقداتك عند أقدامك على العمل لا أكثر.

ترويقة:
الذي يظن أن الفقر هو فقر الجيوب مخطئ، وإنما الفقر هو فقر العقول والقلوب، فالفقر الحقيقي هو افتقارنا إلى الله عزوجل، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)..
إذًا الأخلاق؛ هي مجموعة قيم ومبادئ سامية تبنى منذ الصغر، ثم تتحول إلى سلوك مثالي يحتذى به، كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان خلقة القران)، أي كان قرأنًا يمشي بين الناس.

ومضة:
قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق)، وقبل ذلك كما وصف الله عزوجل نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم
كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولك
بواسطة : صالح الريمي
 0  0