×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
إيمان حماد الحماد

كيف الحال ؟ أيها الزلزال
إيمان حماد الحماد

هي دقائق ، بل ثوانٍ ، بل لحظات ..
تلك التي فصلت بين الحياة وبين الممات ، ودائماً ما تكون سريعة تلك النهايات ..
لا يدرك المرء فيها حاله ، ولا يسعه أن يستدرك أقواله ، ولا يتاح له الوقت ليفكر في أفعاله ، فقد باغته القدر ، وفاجأه الخطر ، وكان ما به الله أمر ، فهذا سطح الأرض قد انشطر ، وما عليها اندثر ، وما بباطنها ظهر ، وكأنها بركان وقد انفجر ، أو كأن جانٌ عليها حضر .
تغيرت الأحوال ، وزادت الأهوال ، وضاعت الأموال ، ولا مجيب إن طُرِح السؤال ..
فالأجساد تباعدت ، والأرواح تصاعدت ، والقلوب تاهت ، والعقول ضاعت ، والأصوات تعالت ، وفرق الإنقاذ تفرقت ، وبما جادت به الأرض من الناجين عادت ، وبمن كتب الله لهم الحياة صرخاتهم عليهم نادت ، وآلامهم تحت الأنقاض زادت ، ودماؤهم على حطامهم سالت ، فبين الأحياء موتى ، وبين الأموات حياة ، فالأمهات ثكلى ، والصرخات أعلى ، والابتهالات صارت نجوى ، والدعوات توالت بين مكلوم ومجروح ومرضى .
فقد زلزلت الأرض زلزالها ، وسأل الجميع مالها ، فحدثتهم بأخبارها ، وألقت عن ظهرها أحمالها ، وزادت في جوفها أثقالها ، وتساوت في سهلها جبالها ، وتساقطت في سطحها بنيانها ، وتغير على الخريطة عنوانها ، فقد تزحزحت - كما علمنا - عن مكانها ، وما تنبأنا بمصيرها ، وما وسعنا إنقاذها ..
تعاطف معهم الجميع فجادوا ، وبالابتهال لهم إلى الله بالدعوات عادوا ، وبنصرتهم والتكاتف معهم دعوا الجميع ونادوا ، فلا سياسة تمنعهم ، ولا قيود تردعهم ، ولا حدود تنفعهم ، فكل الأرجاء باتت تسمعهم ، والمسافات لا تحجبهم ، والوعود لا تعجبهم ، والقعود لا يسعفهم ، فكلنا بقلوبنا معهم ، وتعاطفنا لهم ، ولكن بماذا كل ذاك سينفعهم ، وهل نحن بما سنقدمه بمن فقدوهم سنجمعهم ..
فقد نزل البلاء ، وحل القضاء ، وأمر من الله أنفذته الأرض وباركته السماء ، ولم يفرق بين مراكز وألقاب وأسماء ، ولم يميز بين فقر وغناء ،ولا نملك لهم الآن إلا الدعاء ..
اللهم ارحمنا وإياهم برحمتك ، ولا ترينا عجائب قدرتك ، فكلنا في قبضة يدك ، وفي مرآك وناظرك ، وقد سلمنا أمرنا لقضائك ، وشئنا أم أبينا فنحن طوع أمرك ، فاكلأنا برعايتك ، و لا تُحِلّ علينا غضبك ، فالفوز كل الفوز لمن ظل معك ، واكتفى بك ...
بواسطة : إيمان حماد الحماد
 0  0