×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
رهف تبوك

جْدْرْ وملاّس
رهف تبوك

مثل شعبي مشهور في المنطقة الشرقية يقول ( اللي في الجْدْرْ يجيبه الملاّس ) والجْدْرْ في لهجة سكان المنطقة الشرقية والإحساء تعني ( القدر) و( الملاّس ) ملعقة معدنية مسطحة دائرية الشكل وبها قليل من التخريم وبيد طويلة يستعملونها قديما لغرف الرز والجريش والجريش والهريس وغيره عند سكبه في الصحن ولإخراج اللقيمات من الزيت , ما أثار هذا الكلام في نفسي المقهى الشعبي الذي يحمل نفس العنوان في أحدى المجمعات الكبيرة بالمنطقة الشرقية , إنها العودة إلى ثقافتنا بمجهودات فردية رأت القدرة على خدمة للمجتمع بتعريفه والعودة به الى ثقافته التي تنبع من أصالة موروثنا تدعمهم الهواية واعتراف بعض الثقافات الوافدة بدخول القهوة العربية بدلة الرسلان الأصيلة في المقاهي العالمية وفي نفس المجمعات التجارية بالمنطقة الشرقية , انتعشت تلك المقاهي بتلك القهوة وبأم عيني رأيتها على كل طاولة وأصبح رواد المقاهي التي تقدم القهوة العربية أكبر من المقاهي التي لا تقدمها مما يعطينا دليل أن العيب في الابتعاد عن تقديمها وليس في الجيل الذي نرمي بالتقصير عليه , فلو وجَدَ المهتمين بهذه المأثورات الشعبية دعم ولو معنوي للقُّدُمِ إلى الأمام بالتعريف والتطوير بثقافة الأطعمة التي تتميز بها ديارنا لظاهينا بها المطاعم العالمية بدليل غلبة الطلب على القهوة العربية والتمر أكثر من الموجودات الأخرى الدخيلة علينا , وما زاد الإعجاب كثرة الزوار لهذه المقاهي الشعبية فكل من يقوم بالخدمة بها سعوديين من الطهاة من الجنسين حتى مقدمي الخدمة للزبائن ومما يثلج الصد أن من يدير هذه المقاهي هم أنفسهم أصحاب الفكرة والغيورين على ثقافتنا التي هي في صراع قوي مع الثقافات الواردة في الأكل واللبس من المطاعم والماركات التي لا تهتم لا بعاداتنا وتقاليدنا ولا بالصحة العامة سوى ما يهمها من الربح الذي تجمعه من جيوبنا ثم تقوم بتحويله لبلادها لكن من خلال تجربة مقهيي ( الحضارة ) و(جْدْرْ وملاّس ) استطاع الأستاذ عامر العامر صاحب المقهى الثاني التعريف بحضاراتنا القديمة بشئ من الابتكار والتطوير بدون أن يفقده روح الأصالة من خلال متحفه الشخصي التي يملكه ليقوم هو بنفسه بإثراء الزوار الذين يخرجون منه منبهرين بالتعريف الجفرافي بما تحويه أرض المملكة من آثار وأحافير ونوادر والتي يحتويها متحفه الخاص وعن كيفية استخراج الألماس والمرو وأماكن وجوده وصقله وفي طريقة منه لابتكار وتصميم بعض الحلي وبيعها بأسعار تقل عن قيمتها الحقيقية والذي يتكامل مع المقهى والمطعم الشعبي ( جْدْرْ وملاّس ) فقدم منظومة تكاد تكون متكاملة عن تاريخ المملكة الجغرافي والثقافي والموروث الشعبي وعن وجودها بالمملكة وعصورها التي مرت بها فكانت فكرة اقتصادية بتقديم وظائف للجنسين والكسب التجاري المضمون في أرقى الأماكن التي يطمح كل شخص الوصول لها وتوعية للعودة لتراثنا في جذب الجيل له بطريقة تتلاءم مع متطلباته ورغباته دون أن تفقده روح الأصالة والتعريف به للعالم من خلال زيارة السياح لهذه المقاهي الشعبية وتاريخنا الثقافي بوجود المتاحف بجانبها وما نضاهي به العالم رغم محدودية مواردنا وقلة الزراعة ففي ثقاقتنا نتحكم بطعم الوجبة بالبهارات مما يعطيها تميز عن غيرها لكن الوعي المفقود والانبهار المؤقت في العالم حال دون هذا الاعتراف بالتميز و بريادة هذه المقاهي الشعبية الذي سيعقبه عودة واضحة لروادها فهناك استطاعة لإعادة المهاجرين عن ثقافتهم نفسيا إلى وروعة وكرم المذاق بطريقة حضارية تواكب وتتلاءم متطلبات الجيل بعيدا عن قول ( ماضينا لا يصلح للعصر ) وكان في تقديم هذه المقاهي الشعبية المصاحبة للمتاحف تجربة أعتبرها ناجحة لو وجدت المهتمين والداعمين لها لتحركت العملية الاقتصادية من نزف خروج الأموال إلى الخارج والعودة بها باتجاه الداخل عدا ما تحمله من مسؤولية من الأخذ بيد الجيل للعودة به إلى ثقافته الأصيلة التي لو أُهتِم لأصبحت مطلوبة في العالم لو وجدت الاهتمام والتخطيط والتشجيع ثم دعم المهتمين والذين يملكون المقتنيات التراثية والأثرية بفتح المتاحف في المجمعات الكبرى وتسهيل الأفكار التجارية التي تساعدهم على دفع الإجازات .

ترى هل سيجد هؤلاء دعم للوقوف معهم قبل موت مشاريعهم التراثية التوعوية ؟
أم أن الأمر سيرهقهم وطغيان الثقافات الواردة سيكون أقوى منهم فتموت أفكارهم ونعود بعدها نتخبط ؟
من المسئول عن دعم هؤلاء المهتمين ؟
ما هو موقف السياحة والآثار من هؤلاء ؟
أتمنى يجدوا من الدعم الحكومي نصيبا ليستمروا قدما في مثل هذه المشاريع التراثية التي نحن في اشد الحاجة لها
بواسطة : رهف تبوك
 65533  0