×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
احمد الشريمي

العقل ماذا عن (التفكر) و(التدبر)
احمد الشريمي


من هذا المنطلق لا يمكن ادراك الطبيعة وأصولها عن طريق الحس المشترك والمعرفة المتداولة بل ينبغي الاعتماد على فن الفهم والانطلاق من التقاليد والأحكام والمعايشة الوجدانية للظاهرة.

ان الفهم هو الطريقة الخاصة التي يحيا بها الانسان في مجتمع معين يراه مختلفا مع قناعاته الفكرية ومخزونه الثقافي ويشعره بالغربة وسوء الفهم ويولد صعوبة تفاهم مع أفراده، ولذلك يكون الفهم هو النبراس الذي يهتدي به هذا الكائن ا الغريب منذ لحظة الميلاد الى لحظة الوفاة حتى يتفادى الضياع في العالم والتصادم مع الغير والتصدع الذاتي وتطليق المطلق وتصحير الوجود واعدام القيم والغايات.


ان البعض يعتقد بإمكانية التصرف في مسارات الفهم حتى يربي الآخرين ويساهم في تنوير الحشود وتشييد الرأي العام ويرى ضرورة استخدام الكتب كأسلحة والمواجهة بالكلمات.

بيد أن استخدام سلاح الكلام هو عنف صامت يبدأ حينما يتوقف الخطاب وان الكلمات التي تستخدم في الخصومات تكف عن طبيعتها اللغوية وتتحول الى مقولات فارغة من المعنى وأصوات مدوية و مؤذية.

ان فاعلية الفهم تغادر حقل المعارف والوقائع والأرقام والمعلومات التي يتحرك فيها التفسير وتتميز بالتطابق والصرامة والاطلاقية وتطأ أرض التجاوز والتناهي والحوار وتنتج المعنى والدلالة.

اذا كان فن الفهم هو الدواء الفتاك بسموم العابثة بالانسان ومستقبل الحياة على الأرض والتعايش بين الناس فإن المرء يتمكن من مواجهة هذا الداء العضال عندما يمتلك فهمآ معمقآ بهذه الظاهرة وينتبه الى حقيقتها البشعة والضارة والى طابعها الزائل .

لا يمكن تصور نظير في التاريخ البشري وذلك لأن هذه الظاهرة لا تستند الى نظرية معروفة وانما هي تطبيق أهوج وممارسة عمياء في قطيعة تامة مع التقاليد الأخلاقية والعادات والشيم الموروثة ويترتب عنها الكوارث والمخاطر على الجميع. لكن هل يكون الفهم هو السلاح الذي نتغلب به؟

كما أن فعالية الفهم ضرورية لكي تعطي معنى للمواجهة ولكي تسمح بانبثاق ابداعية للفكر وتبصر للقلب البشري.

التلاعب بالتفكير المنطقي وفقدان أهمية الانتباه الى الواقع والانغماس في تلبية التفاهات والابتعاد عن جواهر الأشياء والمواقف الجدية. كما تم التقليل من أهمية التحولات والاستخفاف في احداث تغيير جذري في نمط الحياة.

الفهم هو الوجه المقابل للفعل وان رفض قبول الواقع كماهو موروث عن الماضي ناتج عن فهم دقيق له وتصميم على تغييره والبحث عن واقع أحسن يتيح للناس الاندماج في الحياة المدنية وحكم أنفسهم بأنفسهم.

الفهم الحقيقي لا يترك أي التباس وأي سوء فهم ويتفادى الحلقات المفرقة والدوائر المغلقة والمصادرة على المطلوب وتحصيل الحاصل ويتخذ مسافة نقدية من الواقع المبتذل ويعوض اشكالية البحث عن الطبائع والماهيات والحلم من أجل انتاج المعنى واستشراف الآتي.

فاصلة أخيرة..

لعقلٍ سويّ مُنتج لا بد من تطهيرهِ من كل المضامين والأفكار الماضويه المكتنزه بالخرافات والخزعبلات ومحاولة تنشيط مَلَكَات الشك والتساؤل وبقية أدوات العقل الناقدة. لا لتعطيل العقل.
بواسطة : احمد الشريمي
 2  0