×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

سلسة قضايا اجتماعية .. الحلقة الأولى "مقدمة"

سلسة قضايا اجتماعية .. الحلقة الأولى "مقدمة"
 بسم الله الرحمن الرحيم ، والذي بذكره تصدح جميع الكائنات حين تهيم ، والاستمرار على ذكره دليل على القلب السليم ، والعقل الحكيم ، والصلاة والسلام على نبيه الذى اصطفى ، وللمهتدين من خلقه اختصه ، وكلهم به اكتفى ، ومريضهم بسيرته اشتفى ، وشقيهم بتوجيهه اهتدى حتى ارتضى .
ولله الحمد الذي سخرنا في هذه الأرض لنعمرها ، وبعبادته أمرنا ، ولأمور ديننا وجهنا لنسخرها ، وترك فينا دستوره الذي من تقلباتها ينقذنا ، وعن مغرياتها يعصمنا ، كتابه وسنة نبيه ، سلاحين إن تسلحنا بهما قوينا ، ومن كل مترصد بنا تنجينا ، ومن كيد الكائدين ومكرهم تحمينا ... .
وها نحن نصارع في هذه الحياة ؛ لنبقى ، ونبذل فيها جهدنا ؛ لنرقى ، ونبتهل إلى الله أن لا يتركنا فيها ؛ لنشقى .
وها هي تمتحن قدراتنا ، وتختبر إيماننا ، وتنقلنا في ساحاتها من ابتلاء لآخر ، وتعرضنا دوماً للمصائب والمخاطر ، وفي بعض الأحيان يكون ابتلاؤها في النعم ، وقد تكون في القدرة وفي الهمم ، فتعطينا لتبتلينا ، ومن بعيد تراقبنا ، ومن مصائرنا تدنينا ، وعلى قدر تحملنا ، وطريقة تعاملنا ، تبعدنا وتدنينا ، فقد تحرمنا ، وقد تعطينا ، وقد ترفعنا ، وقد تتركنا في أسفل الأسفلين ، وبكل قسوتها بالقاع تلقينا .
واختباراتها ليست سؤال وجواب ، وليست تؤدى بورقة أو كتاب ، ولا نستطيع أن نحصل على إجاباتها من المعلم أو الصحاب ، وليست مقتصرة على ذوي الألباب ، ولكنها اختبارات مصيرية ، ومواقف حضورية ، وابتلاءات واقعية ، قائمة على حسن التصرف والسلوك ، وطريقة التعامل بلا تردد أو كسوف ، وسداد الرأي إذا صار اللعب على المكشوف ، وسلامة التصرف دون خشية من أحد ، أو شعور بالخوف ، وأن يسلك فيها المرء طريق الصواب وإن خالف به الآخرين ، وأن يدرك العواقب وإن عميت عنها بصيرة المحيطين ، وأن ينجو بنفسه منها ، وإن غرق بمحيطها المستهترين ... .
فهي الحياة ، مواقف ومحن ، وشَدٌّ وجذب ، ورضا وغضب ، ونور وظلام ، وقمة وقاع ، وجوع وإشباع ، وحرمان وإمتاع ، واستقرار وضياع ، وسعادة وشقاء ، بخل وعطاء ، ظمأ واتواء ، حاجة واكتفاء ... .
والبقاء بها ليس للأقوى فقط ، بل لمن كان في قلبه أنقى ، وفي عقله أرقى ، ولله أتقى ، فأطعم وأسقى ، وعلم دوماً بأن الآخرة خير وأبقى ، ودعا الله بأن لا يضل في دنياه ولا يشقى .
وحتى نكون منهم علينا أن نحسن التعامل مع كل ما يعترض طريقنا في حياتنا من مشاكل وعقبات ، وأن نحسن التصرف بها بما يضمن نجاتنا بعد الممات ، وأن نحسن الأداء فيما تقدمه لنا من اختبارات ، التي تطرحها على شكل مواقف وقضايا ، وما أكثرها ..
وأنا هنا سأطرحها لكم تباعاً ، ونناقشها معاً لنعرض في كل قضية اجتماعية أسبابها ونشأتها ، وآثارها ومدى خطورتها ، وسأحاول أن أقدم بكل قضية طريقة التعامل معها ، وأفضل الوسائل للقضاء عليها ، وبما أن الأمر لن يتم بمجهود فرد واحد ، ولا بد أن نتكاتف أمامها ، ونشد ساعداً بساعد . وأن يكون كل شخص لمن حوله معاوناً وبكل قدرته يساعد ، فإن فعلنا كنا بعمارة الأرض أهلا ، وجعلناها للحياة بها مهداً وسهلا ...
فانتظروني بالأسبوع القادم مع أول حلقة بهذه السلسلة ، وأول قضية من تلك القضايا ، فلن أتعجل بها لأهميتها ، وسأسوقها لكم هوناً ومهلا ... .
وأسأل الله من فيضه فضلا ، ومن علمه علما ، ومن مداد رضاه قولا وفعلا ، وألَّا أعرض ما يغضبه ، وأكون لعرض ما يرضيه أهلا ... .
فإلى لقاء يتجدد في الأسبوع القادم ، ومع أول قضايانا الاجتماعية ، فإلى ذاك الحين أترككم بيد الله وديعة ، ومن استودعته الله لن يتركه ولن يضيعه .
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد