×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
ريم الجوفي

"سحيل الشحاذ" و "الانستقرام "
ريم الجوفي

اسم سحيل يثير لدي رائحة الماضي ويصيبني بالنكوص إلى مرحلة الطفولة ، كان سحيل رجلاً لم أستطع وضعه في فئته العمرية الصحيحة ، فتجاعيد السبيعيني تمتد على وجهه ويديه ولكن مشية العشريني الرشيقة تقلب الموازين ، ليس هذا ماكان يحيرني فقط ، كان سحيل يرتدي بشتاً وحافي القدمين في ذات الوقت ، يقف يومياً في أوقات محددة أمام باب جارتنا منيره ليستلم أول "طاسة لبن" تحلبها من أغنامها بالإضافة إلى أول عشر أرغفة من خبز " المقشوش" الحار اللذيذ .
كان يعتريه الصمت ولديه كاريزما السلطة التقليدية بالرغم من أنه كان شحاذًا ، عندما ترى البشت "والذي هو في وطني تصوير للوجاهة والنفوذ " ثم تنزل بعينيك إلى قدميه لتراها حافية متآكلة لاتدري هل هو يعيش مأساة أم ملهاة ، يخيل إليك أنه من" الطبقة البرجوازية " الغير منتجة والتي تعيش من فائض عمل العمال أمثال جارتنا " منيره" ،ولكنه في النهاية شحاذ .
سحيل مات ومات البشت معه لكن الشعب الآن كله " سحيل" ، فمن يرى صورهم في " الانستغرام" وتفاصيل أعراسهم الباذخة وحفلاتهم اليومية يعتقد بأنهم مازالوا في بداية الطفرة النفطية ، ولكن الصورة البائسة الحقيقية تقبع خلف الكواليس ، هناك تجدهم هم نفسهم يتسولون البنوك من أجل أنواع القروض ، وتتضامن الزوجة وزوجها برهن رواتبهم ماتبقى من العمر لشراء "بيت العمر " ولايفلحون في تأثيثه إلا بالديون أيضاً .
الشعب مديون وشحاذ ، نصفه مرهون للقروض ونصفه الآخر" يتسول ويتوسل "حافز " ، ولا يخفى علينا أن هناك بعض الباحثين يصنفون من يأخذ رزقه من المساعدات المحلية أو العالمية بالمتسول ، نحن نعيش ثنائية الشحاذة والبذخ ، إننا بحاجة إلى إدراك هويتنا الطبقية الحقيقية هل نحن أغنياء أم متسولون ????!!!!!!
بواسطة : ريم الجوفي
 14  0