×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

بيات شتوي !
شتيوي العطوي

ما أن يأتي الشتاء حتى يصاب دماغي بما يسمّى " البيات الشتوي " . فتتعطل فيه جميع الموجات العاملة ما عدا موجة " إف إم " الخاصة ببرامج الأكل والنوم . وهذا يعني أني أخضع لعمليّة تسمين، الأمر الذي تبتهج له جميع الأعضاء الشريفة التي ترى وجوب تعليق جميع الأعمال ما عدا طلبات المحاشي والسبانخ والملوخية التي تمد أعضاء الهيئة الجسديّة بالطاقة . ومع أني أزعم أن لديّ بقيّة من حياء، إلا أنني في فصل الشتاء أمارس بعض التّبرج ذلك حين أضطر أن أرفع ثوبي إلى ما فوق المسموح به شرعا . وبما أنّ لديّ بعض الفقه في مسائل نواقض الوضوء لا أسأل المسئول عن المزراب إن كان الماء المتدفق طاهرا أم نجسا رغم أنّ المصران الأعور يرى بأمّ عينه بلّاعة الصّرف وهي تبقبق، ومع ذلك يسألني الأعور بكل بجاحة : لم ترفع ثوبك ؟! . وفي علم التصريف، فإنه لا حياء مع المستنقعات، وقد يأتي زمان أضع فيه ثوبي على رأسي !
والحقيقة أنّ علاقتي بالبرد سيئة جدا، فحين تأتي موجة قارصة من قبرص أو لاسعة من سيبيريا أصاب بالاكتئاب في الوقت الذي تبتهج فيه الأعضاء الشريفة، فهناك المزيد من المطعومات والمشروبات درءا لأخطار الصّقيع، ولا بد من توفير محفزات الطاقة ( الحلاوة الطحينية والمربيات ) حتى أن هيئة الأعضاء تتمنى أن تكون أيامي كلها شتويّة، الأمر الذي يجعل المعدة المغلوب على أمرها تصرخ في الأعضاء الشريفة : يا قوم لقد أهلكتموني بالطحن ! ومعها الحق أن تنفجر، فآلة الطّحن ( الأضراس ) متعطلة منذ سنوات حيث تعرّضت لعدد من الانهيارات بسبب التّسوّس، وهذا يعني أنها غير قادرة على المضغ، ولا بد والحالة هذه من " البلع " الذي يتعب المعدة . وعليه فلا بد من تركيب طقم جديد بقوة فك " ضبع " لكي يطحن اللحم والعظم . وبالأمس شعرت المعدة بزيادة نسبة الحموضة مما تسبب بأضرار بالغة في تجويف العناية المركّزة ، وحين أشاع المصران الأعور الخبر وأن ذلك ناتج عن تسريب المرارة قامت " الكبد " بإصدار بيان تحذر فيه كل من يسيء إلى سمعتها، وأنها سوف تلاحقه قضائيا !.
وفي الشتاء يتجاوز الأمر تكميم الأفواه إلى تكميم الأنوف ( لا كلام ولا نفس ) إلا في غرفة موصدة النوافذ والأبواب خوفا على البلاعيم والحلاقيم من موجات البرد العقيم . وإذا كانت درجات الحرارة " صفر " حسب الأرصاد الجويّة فإني أشعر بأنها خمسة تحت الصفر ، ذلك أنّ اسمي المشتقّ من الشتاء يزيدني بردا على برد، ولا سبيل للخلاص من هذا الاسم المميز الذي ورثته عن جدي . رحمك الله يا جدي لو كنت على قيد الحياة لسألتك عن ميزانية درء مخاطر الأسماء .
والسلام
بواسطة : شتيوي العطوي
 6  0