×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم العطوي

الإرهــاب الـمُمنــهج
عبدالله بن كريم العطوي

إن الهدف الأسمى الذي يسعى إليه الإنسان هو حياة جيدة واذا حرم من ذلك فإنه يخرج عن أطواره.
والإرهاب يشكل نسقا صراعيا معلنا بصورة واضحة، ويرسمها جهاز أركان معين ، وينفذه جيش سري صغير منتظم ومختار أفراده.
وظاهرة استخدام الإرهاب لأغراض سياسية لا تعتبر ظاهرة جديدة، فالإعتماد عليه بواسطة فئات هدفها بلوغ المرامي المحددة يعود إلى فجر التاريخ.
ويبدو أن ماحدث خلال عام وبضع عام خلت ، جاء ليؤكد أن حملة التخويف الأسطورية التي تنتاب أمريكا وأوروبا مع معرفة الانسان الغربي بأن ضحايا عمليات الإرهاب في السنوات الماضية أقل بآلاف المرات من ضحايا الإجرام العادي وحوادث الطرق!
ويكفي أن نحدق إلى ماآلت إليه الظواهر العنيفة والأعمال والممارسات المخالفة للشرائع والإتفاقيات الدولية وضروب الأبتزاز الذي يمارس بحق ملايين البشر متسلحا بالهراوة الغليظة .. وماكنة غسل الدماغ، ومليارات الدولارات التي تنفق لقلب الحقائق، فيصبح الظالم والقرصان والمعتدي منقذا ، والمقهور والمسحوق مكروها ومتهما بكل المآسي، والكوارث ، والناس تتظاهر هاتفة:
(اصلبه اصلبه، دمه علينا وعلى أحفادنا)!!
أوليس هذا ما يحصل اليوم في المجتمعات المعاصرة؟؟
والمؤلم حقا هو أن الشعوب تساق إلى معارك حقيقية أو نفسية لا أفق واضح لها ، ولا تخدم الا زيادة المكاسب المادية. حيث نجد أن وراء الحملة الهستيرية بشأن خطر الأرهاب تكمن مصالح لكتل أحتكارية يصعب أن يتصور المرء الأرقام الأسطورية لأرباحها ، وخاصة تلك المرتبطة بالإنتاج الحربي ، وذات المصلحة "بعسكرة المجتمع في الداخل وشن حروب أقليمية متصاعدة الحدة !

إن الحملة على الإرهاب غطاء يختفي تحته سيل من الأرقام والمعطيات التي اعترفت بها الهيئات الرسمية في أمريكا وأوروبا بالأسباب الحقيقية للعنف والإجرام والفساد والإفساد والصفقات المرعبة داخل هذه الدول ، والهيمنة المالية والتجارية على الأسواق و التفلت من القوانين.
وفي الواقع فإن الخلفية التاريخية للأرهاب الذي يمارس على مستوى دول ينبغي البحث عنه في أسس قيام الولايات المتحدة ، وكيف كان المهاجرون البيض يفاخرون بحفلات المطاردة والقتل الجماعي لأصحاب الأرض الأصليين!!

وقد كتب المؤرخ الألماني"فون تر تشكه" أن القانون الدولي هو لغو متناقض وأحسن مافيه مايتعلق بالحرب وقواعدها، وثانيا أن وظيفة الدولة هي شن الحروب ، وبدون الحروب لا تقوم للدولة قائمة!!
وأن روعة الحرب تكمن في إبادة الرجل الضعيف في إطار الصورة الضخمة للدولة ، ونجد تعبيرا اخر للفكرة نفسها في احتقار "هرتزل، للديمقراطية واعتباره اياها " هراء سياسيا لا يصدر إلا من جمهور الرعاع في صورة ثورة" مقترحا عقوبة الإعدام جزاء لكل من تسول له نفسه من هؤلاء الرعاع القيام بأي تهييج سياسي".

يبقى أن نشير إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، لم تكتف في الشرق الأوسط بأتباع سياسة الضغوط المتعددة ، وإثارة مايمكن من الخلافات!
فثمة توجه من جانب هذه الدول لدخول المنطقة من أخطر الأبواب ، وهو الجمع بين منطق القوة العسكرية ومنطق الأبتزاز السياسي والاقتصادي وتغذية وتوسيع النزاعات المدمرة!
وأبرز أسلحتهم هو خوض مايمكن تسميته الإرهاب الشمولي، والإرهاب متعدد الحلقات!

ولاشك أن الحملات الأعلامية المتعلة بالإرهاب في العواصم الغربية وما يضع المواطن تحت كابوس الأرهاب الأسلامي ، إنما يشكل أنجح محاولة معاصرة لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية والكوارث التي تعيشها المجتمعات كل على حدة !
ولإيجاد مناعة تحول دون الفهم الصحيح للظواهر الأقتصادية والسياسية والمصالح المتعلقة بالشرائح الأجتماعية.
وفي غالب الأحيان فقد يكون من مصلحة هذه الدول أن تتصاعد أعمال الارهاب ،وأن تتوالى حلقاتها خلال فترة زمنية قصيرة، وعلى رقعة جغرافية محددة، وذلك بناء على قدرة أمريكا وحلفائها على تثمير أعمالها وأعمال خصومها في آن واحد ، فيما يتعلق بالنشاطات الإرهابية .. وبالطبع فثمة حالات كثيرة ستتضح عاجلاً أم آجلا بأن المخابرات الامريكية والغربية هي التي قامت بالعمليات وافتعلت بيانات موجهة ضد أمريكا والغرب ، والدول الأمبريالية الكبري هي أكثر من يستطيع إطلاق العمل الإرهابي إلى مداه الأرحب ، وقوامه استخدام العنف دون تمييز بهدف تحطيم المقاومة وشل حركة الخصم الذي غالبا مايكون شعب بأكمله كما هي الحال اليوم في سوريا!

ويتقن الاقوياء استخدام الوسائل التي تؤدي إلى أقصى درجة من تعميم التأثيرات والهيمنة النفسية على الخصم والرأي العام، بأن يسمح لأعداء المجتمع بفرض جزء من الأجندةعلى الأقل ضد إرادة أغلبية افراده، بل إن الوضع يكون اكثر تعقيدا عندما يبرز الارهابيون في زمرة واحدة كأعداء للبشرية ككل .. بغض النظر عن المظالم المتخيلة والأهداف النبيلة أو الوضيعة التي تحركهم ، فالمجتمع البشري قد تعلم بعد عدة الاف من السنين كيف يحرم ويحارب شرورا مثل أكل لحوم البشر أو العبودية .
فلماذا لا يضاف الأرهاب ضمن قائمة الشرور المحرمة؟؟
وقد برز عنصر جديد هو استعمال الإرهاب كبديل للحرب الاستراتجية، ويمكن القول مع كلاو فستر بأن الارهاب أضحى امتداداً للحرب، ولكن بطرق أخرى ، حيث عمدت الأمم إلى تشجيع وتموين الإرهاب والتخريب، واستنادا إلى التشريع الدولي الساري المفعول به فأن هذا الدعم لا يشكل إعلان حرب .. بل يشكل في شكله الجديد مكسبا بالنسبة للمحرض على صعيد المال والعتاد، لأن نفقات الأعمال الإرهابية هذه أدنى بكثير اذا قيست بتكلفة حرب كلاسيكية معهودة!!
خلاصة القول إن هناك خنوع مذل لآلة الارهاب الأمريكية الغربية خاصة في مجال غسل الأدمغة وتعميم فكرة الدوران بين فلك أمريكا واوروبا. والمعروف ان الانماط السلوكية والقناعات الخلقية والامراض المجتمعية لا تزول بمجرد سقوط التركيبة السياسية التي ارتبطت بها، وحتى في حالة تبدل الأنظمة السياسية في هذا البلد العربي أو ذاك، فإن القناعات التي أشرنا إليها واخطرها مشاعر الذل والانسحاق ، والتعامل الدوني مع الغرب، أو انتظار الترياق الآتي من مطابخ أمريكا واوروبا لن تزول بسرعة.
وكذلك بالنسبة للنزاعات الانكفائية ،والانهزامية، والقوقعة"الكيانية" واستصغار بل استعداء الطموح القومي للدفاع عن المصير المشترك!!

وهكذا وببساطة كلية توضح أن قضايا الشعوب العربية وضعت كلها في سلة المهملات ، حيث تستنجد القوى الغربية في نهجها و مطامعها الحربية وعدائها العنصري للعرب والمسلمين بخشبة الخلاص المتمثله في "الإرهاب" .



اللواء متقاعد
عضو مجلس المنطقة
بواسطة : عبدالله بن كريم العطوي
 7  0