×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

عم نحكي!
شتيوي العطوي

أهلا بكم من جديد
وبعد:
وقع بصري على عنوان كتاب " لماذا لم ينتصر العرب ؟ " عنوان مثير جدا لعربي يبحث عن النصر في دهاليز جحر نملة، ومع ذلك لم أفكر في قراءة الكتاب، لأني أعلم أن الجواب يكمن في جملة خفيفة على اللسان، لكنها أثقل من الجبال على قلوب الذين يخشون الجواب، ولا يحتاج الأمر لتأليف كتاب. ثم أنه لا مزاج عندي للقراءة، وكان آخر كتاب قرأته " لا تحزن " فحزنت، وعلمت أن دنيانا قائمة على الحكي.

وبما أني توقفت عن الحكي لفترة يراها بعض المتابعين طويلة وأراها قصيرة ، لكنها كانت كافية لترميم مجاري الحكي الذي لو كان يغني شيئا لأصبحنا نحن العرب أكثر تقدما من اليابان!

ومع أن الحكي أصبح بثمن مسبق الدفع إلا أننا مصرون على المزيد من الحكي، لسد فراغ الفضاء العربي وإثراء للمكتبة العربية، لذلك أنا هنا " عم أحكي ":
ففي ليلة سابقة، لمع برقها، وقعقع رعدها، وهلّ مطرها، كنت على موعد مع " منسف " وإذا اجتمع المنسف مع الرعود تصبح الحياة أكثر دفئا وحميميّة، وكنت أطمح في سهرة تعيدنا إلى زمن " الوحيح " فتقاطر الربع كلّ متدثر بفروته، وكأنهم في رحلة إلى الأسكيمو. وبما أن المعزّب من النوع الذي يصر على التبكير بالعشاء حتى أن الذي يصلي الوتر لا يكاد يلحق، لذلك جاء بالمنسف مبكرا، فبدأ الربع بالحديث عن " ترامب " وأخذوا يتجادلون حول صحن المنسف، فحمي الجدال، وكانوا متربعين، فاعتدلوا على الركب، فقلت للمعزّب: أبعد طاسة المرقة !

كان الربع مشغولين بسياسة ترامب، وأنا مشغول بسياسة المنسف والاستمتاع بالأكلة الشهيّة التي لو ذاق مرقتها " ترامب "ومن سبقه لحلّوا قضايا الشرق الأوسط قبل أن يمسحوا شواربهم عن الدسم.

ومن سياستي أن لا تجتمع السياسة والمنسف على سفرة واحدة، فإما سياسة وإما منسف، لذلك آثرت المنسف ولزمت الصمت.فرفع المعزب المنسف ولم يرفع الرّبع قضية ترامب وهيلاري كلنتون، فاستمر الحديث على السفرة ثم رفعوا الجلسة إلى " المشبّ " وكان البعض يتمنى لو فازت كلنتون وكأنها ابنة خالتهم، وآخرون يتوجسون خيفة من فوز ترامب !
ذكرني جدال الربع المحتدم الذي كاد أن يقلب طاسة المرقة رأسا على عقب بجدال عرب كانوا ذات يوم في سوح مربع متجاورين وكانت "بق بن" تدق في بيت كبير العرب، وصوتها يعلو صوت النجر، والربع منصتون للأخبار القادمة من واشنطن والصراع المحتدم على الرئاسة الأمريكية. وبينما كان الربع كذلك إذ صاح الصائح: يا النشامى .. يا هابين الريح !.

فهب الربع جميعهم وبقي كبير العرب يتابع سير الانتخابات، ولم يحفل بما وقع في المرعى من عراك بين الرعاة ، أصيب أحدهم بكسر ووقع آخر مغشيا عليه، وحين عاد الربع ليخبروا كبير العرب بما حدث بادرهم قائلا: أبشركم فلان فاز! فغضب أحد الرجال من قول كبير العرب قبل أن يسألهم عن تلك المصيبة التي حلّت بهم، فرد عليه بكلام قاس، فتحركت الحميّة وتلاسن الربع واشتد الكلام فخرجوا من عنده إلى بيوتهم ونزعوا أوتادها ورحلوا، فتشتت الشمل، وبقي كبير العرب على دار العرب يتابع النشرات الاخبارية والتحليلات السياسية لفوز الرئيس وكأنه أحد أعضاء مجلس الشيوخ! ومن ذلك الزمن وقبله وإلى اليوم والانتخابات الأمريكية تقلب طوسنا على رؤوسنا، وستظل قضايانا متوالدة وعالقة ما بين ذنب الحمار وخرطوم الفيل.

والسلام
بواسطة : شتيوي العطوي
 4  0