×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

تحت اللّحاف- فقط - مفكّرا!
شتيوي العطوي

تحت اللّحاف- فقط - مفكّرا!
منذ مدّة وأنا أبحث في أرشيف مخّي عن موضوع أكتبه، لقد أصيبت دوائره باللّخبطة فيما يخص الأرشفة ، فأصبحت المعلومات السياسية والتاريخية متداخلة مع مواد التنظيف والتعقيم ( تايد، كلوركس، فيري، ديتول ...) فمثلا أبحث عن " جون كيري " في ملفات الذاكرة، فأجده حسب الخريطة الذهنيّة - في الرف مع سائل " فيري " أو أبحث عن " ترامب " فأجده بجوار " بف باف "وهكذا، تماما مثل مطبخ السّادة العزوبيّة: السّكّر بجوار الملح، والتايد بجوار الطّحين.
وفي هذا العالم أشياء كثيرة تقلب المخ، وعليه فلا بد من تعديل أرشفته بين فترة وأخرى، حسب ما تقتضيه المصلحة. الجميل أن مخي يستجيب لتلك الشقلبة بشكل تلقائي، فأجد نفسي وقد أصبح اسمي" سعيد "، ذلك حين سألني طفل وأنا قرفان: وش اسمك؟ ولأن اسمي ثقيل على قلوب أكثر الناس؛ صوتا وكتابة، قلت له : اسمي سعيد!
كنت أظن أن الحوار سينتهي عند هذا الحدّ، لكن الطفل نظر إليّ يتفحصني بكل براءة، وكأنه غير مقتنع، فسألني : ليش سمّوك سعيد؟! هكذا نطقها، الأمر الذي دفعني بعدها للوقوف أمام المرآة أحملق في صورتي. آآآه، لقد كان الطفل على حقّ، فهل أذهب إليه وأخبره باسمي الحقيقي الذي يحوي تسع نقط؛ تخوّله أن يلتحف موسوعة غينيس للأرقام القياسية وينام سعيدا. كان ذلك مصادفا ليوم السعادة العالمي الذي لم أحفل به في يوم من الأيام، أو بالأصح لم يحفل بي.
الحقيقة نحن سعداء على الورق، تماما مثل سعادتنا بالجامعة الميّتة التي تعقد مؤتمرها في البحر الميّت.وفي علمي أن مياه ذلك البحر فيه شفاء من الحساسية المزمنة والمفرطة، فهل تشفي تلك الأملاح الهرش والتقرحات والجراحات التي أصابت الأمة؟
ما زلت أبحث عن موضوع أكتبه، فكل الأشياء أصبحت متشابهة، حتى أني لم أعد أفرّق بين البقدونس والكزبرة، وهنا أعلن فشلي في إيجاد موضوع يخترق جدار القبّة الصوفيّة " اللّحاف " تلك المنظومة الدفاعية التي تحمي أجوائي من هجمات البرد. لذلك يبقى الحال على ما هو عليه" تحت اللّحاف - فقط - مفكّرا "!
بواسطة : شتيوي العطوي
 6  0