×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

المملكة أمام قدرها الكبير
عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي

المملكة أمام قدرها الكبير



ستشهد الأيام القادمة تغيرات جذريه وصاعقة في النظام العالمي وفي السياسات الداخلية للدول وسوف تعاد صياغة مجالات القياده من جديد . ويتلاشى النظام العالمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية حيث هناك هياكل جديدة تتم لتشكيل السلطة العالمية ، وهناك شبكة من العلاقات يتم صياغتها من جديد في نطاق ضيق ، وسينتج عن ذلك قيام القادة الأقوياء بتأسيس نظام عالمي جديد ،حيث بدأ الرئيس ترامب زيارة خارجية شملت ثلاث دول . ولو قارنا بين الدول الثلاث التى زارها الرئيس الأمريكي نجد إنها تشترك في قدسية المكان واهميته الدينية : المملكة العربية السعودية ( الحرمين الشريفين ) ، واسرائيل ( القدس ) ، وروما ( الفاتكان) مما يضفي على الزيارة جانب ديني والنية يعلمها الله .
إن اختيار الرئيس ترامب المملكة لتكون أولى محطات زيارته يحمل دلالات كبيرة عبر عنها بالفخر والإعتزاز ، وهذا اعتراف صريح بإستعادة العلاقة العريقه بين البلدين قوتها التي اتسمت بها خلال ثمانية عقود ، والإقرار بأهمية المملكة ومالها من قوة ناعمة وصلبة تستند إلى التقاء العمق التاريخي ، والجغرافي ، والديني ، والثقافي فعلى أرض المملكة الحرمين الشريفين القلب النابض بالإيمان ، والمحرك الأساسي لمشاعر ( مليار ونصف ) مسلم ، وقد برهنت المملكة على قدرتها عندما حشدت(٤٣) دولة وكونت التحالف الإسلامي لمحاربة الارهاب في ساعة متأخرة من ليل، يدعم ذلك قوة اقتصادية تؤهلها للقيام بدور فعال في أي مشروع بناء عالمي ، وجهود وقدرات ميدانية لمكافحة الارهاب ،وسياسة متزنة تستند إلى أمن متماسك ولحمة وطنية قل نظيرها في عالم اليوم ، وقيادة رشيدة تدعم وتعزز مباديء السلام العالمي ، ومساهما فاعلا في دعم المشاريع الإنسانية والتنموية في كثير من الدول رغم الظروف الإقليمية المحيطه بها .
إن اختيار الرئيس ترامب لتكون المملكة منبرا لمخاطبة العرب والمسلمين في تجمع ضم (٥٦) دولة أتاح له تحقيق اهداف مهمة منها إظهار صورة مغايرة لمواقفه السابقة حيال الإسلام ، وتوجيه دعوة لدعم السلام ومواجهة الارهاب ، وبناء إطار تحالف في الشرق الأوسط كغطاء أمني لحلفاء أمريكا في المنطقة في ظل قناعة الجميع بأن الوقوف في وجه أنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة أضحت ضرورة ، ولايفوتنا أن الرئيس ترامب لازال يحتفظ بعقيدة التاجر الذي يبحث عن الصفقات الرابحة ، حيث مباديء جمع المال من أجل أمريكا متجذرة فيه بقوة .
إن اجتماع الرئيس الأمريكي بهذا الحشد الكبير من الزعماء العرب والمسلمين يثبت بأن المبادرات يقوم بها القادة الأقوياء والدول المؤسسة ، وهذا الأسلوب سيطغى على كافة المقاييس التقليدية ولن تكون مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان من بين الأولويات بعد الآن، وسيحل محلها مفاهيم الأمن والإستقرار والصمود وتراكم القوة ، وستتحدد قدرة الدول عن طريق القيادة ومصادر الطاقة .
إن قدرة المملكة على حشد هذا التجمع الكبير يؤهلها لأخذ زمام المبادرة في اعادة تنظيم القوى العربية والإسلامية ، ورص الصفوف في مواجهة الهجمة الشرسة التي يقوم بها الغرب ضد الإسلام بمساعده المهزومين من ابنائه .
والغرب يعلم أن العالم الإسلامي عملاق مكبل لم يكتشف نفسه بعد ، ويخشى عودة الإسلام كنظام حياة ، وإذا عاد الإسلام فإن جيوش الغرب وترسانته لاتستطيع مقاومته، لأن ثبات الإسلام وقدرته على الاحتمال مبهرة حقا حيث تمكن من الصمود خلال قرنين من الحروب المتلاحقة .
والمملكة في هذه المرحلة مؤهلة لقيادة العالم العربي ، والقيادة تحتاج إلى رؤية وصبر ووعي ، والعالم متعدد الأقطاب يطرح أمام الدبلوماسية السعودية مسائل مهمة ، فهل سيصمدالعرب والمسلمين المنغمسين في مشاكلهم ويشاركوا في تحمل أعباء المحافظة على الاستقرار ، وهل ستكون دبلومسية التحالفات عاملا فعالا في التعامل مع الأزمات التي تنشأ بسرعه ، وهل يستمر التحالف الإسلامي في العمل تحت مظلة المملكة وشراكة أمريكا ، حيث من المأمول أن يكون الزعماء المشاركين في هذا التجمع الضخم قد حملوا الرئيس الأمريكي رسالة سلام لأقطاب الديانات الآخرى التي سيزورها تؤكد لهم أن الإسلام براء من الارهاب الذي الصق به ، وطلب انشاء شراكة حقيقية بين الديانات الثلاث لإحتواء الفوضى التي يعاني منها العالم .
عضو مجلس المنطقة

اللواء المتقاعد
عبدالله بن كريم بن عطية

بواسطة : عبدالله بن كريم بن عطيه العطوي
 4  0