×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
صدى تبوك

الأحلام لاتموت!

الأحلام ، ذلك الجُزء الأكثر تعقيداً في تكويننا البشري ، تُولد من العدم أو ربما تُقدر لنا أحلامنا قبل وجودنا بكثير ، إنها تلك العُقدة الصغيرة التي كبرت وكبرت نتيجة كل لفائف الإيمان والشغف لتُصبح ككتلة الصوف الواحدة ، يصعب عليك الوصول إلى العُقدة الرئيسية ويصعب عليك إيجاد الخيط الرفيع لفكه من بينهم فتبقى هكذا عالقاً في الداخل إلى الأبد ، وهي التي تنمو وتتقدم في العُمر قبلنا بكثير حتى أن عُمر الإنسان قد يُحسب بتقدم الأحلام لا السنين ، وما أدراك عن الأحلام التي لا تتحقق تتركُ نُدبةً في روح صاحبها ، مهما تقدم في العمر ومهما تجاوز سيبقى بداخله ذلك الشعور بفقدان الحُلم الأول ، الرغبة الأولى ، أولُ شعورٍ بالشغف وأول أمنية وقف بها أمام الدُنيا ليُحارب ولكنه خسر في الجولة ما قبل الأخيرة بعد أن ظن أنه قد وصل أخيراً ، تلك الأحلام التي نخسرها ونعتقد يوماً بأننا قد نسيناها تُولد مرةً أخرى من العدم ، في لحظةٍ ما تشعر بأن حلمك قد أخلص لك أكثر من إخلاصك أنت له ، يُذكرك بوجوده عن طريق الألم والبُكاء ليلومك ويؤنبك على نسيانك ، أنت تعرف بأنه لم يكن نسياناً حقاً وما كان إلا تجاوز لأن الحياة لا تُعطينا دائماً ما نتمنى ولكن الأحلام الحقيقية لا تموت والقُلوب التي تمنت بصدق لا يُمكن أن تتجاوز حُلمها الأول ، هكذا تؤلمنا أحلامنا إنها طريقةُ ما تستخدمها الحياة لتُذكرك بأنه يجب عليك بأن تُحارب من جديد ، أن تجد منفذاً آخر لتصل من خلاله ، إنها طريقةُ من التعذيب تُمارسها الأحلام المُخبئة بداخلنا لتذكرنا بضرورة إخراجها إلى العلن ، لأن الطريقة الوحيدة لتحقيق الأحلام هي الاستيقاظ من غفوة اليأس الأولى والمحاولة مجدداً ، هكذا يجب علينا تقبل الألم الذي يولد نتيجة خسارة حُلمنا الأول ، الذي اعتقدنا بأننا شيعنا جثمانه منذ زمن ليقوم هذا الحُلم من نعشه بعد مرور الوقت ويخبرك بأن الأحلام لا تنام براحةٍ في نعشها إلا بعد أن تتأكد بأنك وأخيراً قد وصلت ، وبأنها أخيراً قد تحققت.

سارة طارق
بواسطة : صدى تبوك
 24  0