×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
ماجد ساعد ابوذراع

قصص حقيقية ترويها معلمات وطالبات
ماجد ساعد ابوذراع

تنهدت عند روايتها
اغرورقت عيني بسماعها
نظرت إلى السماء
ثم قلت رحمك الله يا أبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
تقول العرب في الأمثال: كل فتاة بأبيها مُعجبةٌ..

يُضرَبُ في عُجْب الرَّجل برَهْطه وعشيرته، وأوَّلُ من قال ذلك العَجْفَاءُ بنت علْقمةَ السَّعدي؛ وذلك أنَّها وثلاث نسوة من قومها خرجْنَ فاتَّعَدْنَ بروضة يتحدَّثْنَ فيها، فوافَيْن بها ليلاً في قمرٍ زاهِر، وليلة طلْقةٍ ساكنة، وروضة مُعشِبة خَصْبة، فلمَّا جلسْن قلنَ: ما رأينا كاللَّيلة ليلةً، ولا كهذه الرَّوضةِ روضةً، أطيب ريحًا ولا أنضرَ، ثمَّ أفَضْنَ في الحديث فقلنَ: أيُّ النِّساء أفضلُ ؟ قالت إحداهنَّ: الخَرودُ الوَدودُ الوَلود، قالتِ الأخرى: خيرهنَّ ذاتُ الغِناء وطيب الثَّناء، وشدَّة الحياء، قالت الثالثةُ: خيرهنَّ السَّموع الجَموع النَّفوع، غير المنوع، قالت الرَّابعةُ: خيرهنَّ الجامعة لأهلها الوادعة الرَّافعة، لا الواضعة، قلْنَ: فأيُّ الرِّجالِ أفضلُ؟ قالت إحداهنَّ: خيرهم الحَظِيُّ الرَّضيُّ غير الخظَّال (المُقتر المحاسب لأهله على ما ينفقه عليهم) ولا التِّنْبال، قالت الثَّانية: خيرهم السيِّد الكريمُ، ذو الحسب العميم، والمجد القديم، قالت الثالثة: خيرهم السَّخيُّ الوفيُّ الذي لا يُغِيرُ الحرَّة، ولا يتَّخذ الضرَّة، قالت الرابعة: وأبيكنَّ إنَّ في أبي لنَعْتُكُنَّ؛ كرمُ الأخلاقِ، والصِّدقُ عند التَّلاق، والفلج عند السِّباق، ويحمده أهلُ الرِّفاق، قالت العجفاء عند ذلك:*كلُّ فتاة بأبيها مُعجبة.*فذهبَتْ مثلاً.

الورقة الأولى:

تقول المعلمة (ب) كلما تذكرت أبي سقطت دموعي ، ولاتزال الذكريات تستمر وشريط الماضي يظهر أمامي بكل تفاصيله والدي لم أرى مثله قط في حياتي ، في رحمته ، وحنانه ، وتضحيته.

كان والدي رحمه الله يمتهن بيع الخضار والفواكة في سيارته القديمة وكنت حينها ألتحقت بالكلية وأبى إلا أن يوصلني يوميا بنفسه فكان رحمه الله يوقفني خارج فناء الجامعة وينزلني وينتظرني عند انصرافي خشية أن أحرج أمام زميلاتي بسيارتنا القديمة تقديرا لمشاعري وظروفنا المالية ، وكان من جمال خلقه إذا مرت بعض الطالبات بجواره قام وأعطاهن شيء من الفواكة ....مع أني الآن معلمة مقبلة على التقاعد يتجدد الحنين والشوق لوالدي كلما مررت بجوار سور الكلية وذكرت ذكرياتي مع أجمل أب.

الورقة الثانية:

وتقول أخرى: أما أنا فقد تم تعييني خارج مدينتنا في قرية نائية ففرحت بالتعيين وحزنت للبعد ومن يرافقني هناك فتجشم والدي هذه المسؤلية فذهبنا للقرية واستأجرنا بيت متهالك فكان يقوم بعد صلاة الفجر فيهيئ لي الفطور والقهوة والحليب ومن ثم نتوجه للمدرسة سويا فما إن أدخل البيت ( العزبة ) ظهرا إلا وشممت رائحة الطبخ تفوح والغداء جاهز فيقول تغدي يابنتي ( وحطي راسك ) يعني نامي فأقوم العصر وأجد القهوة والشاي والتمر جاهز على منضدة غرفتنا مضينا على هذه الحالة قرابة شهر حتى وجدت سكناً مع زميلاتي المعلمات .. رحم الله أبي

الورقة الثالثة:

وتقول أخرى: كان خلفتي والدي بنات فكان رفيقا رحيما لطيفا ألطف من أمنا بنا التحقنا بالكلية أنا وأخواتي فرفض الباص لظروفنا المالية ولتأخره في العودة فكان يخرج معنا من بعد صلاة الفجر وقد أخذ معه ( الشاي والقهوة و التمر) وينام في مواقف السيارات مرة بظل سيارتة ومرة تحت ظل أشجار الزينة التي تلف سور الكلية ، جئت مرة إليه في يوم صائف شديد الحرارة مضجعا تحت شجرة يتصبب عرقا وقد ارتفع معه السكر فما إن رأني إلا وابتسم وقال عساكم انتهيتم ومضينا للبيت ، فقررت بعدها الفصل من الكلية فرفض وقال مابقى شي كلها أيام وتتخرجين .... وقبل التخرج بأيام يتوفى والدي ولم تكتمل الفرحة.

الورقة الرابعة:

وأخرى تقول: كلن والدي عسكريا ورفض الانتدابات والترقيات والنقل بسببنا كان يصر ألا نركب مع السائق ولا الباص يقول ( وأنا أشم الهواء أخدمكن) وكان بالطريق يوصينا بالإجتهاد والمذاكرة.

الورقة الخامسة:

وأخرى تقول درست المتوسطة وكان بوقتنا (معهد المعلمات) ثلاث سنوات ومن ثم تتخرج معلمة فكان المعهد دورته في قرية نائية وبعيدة فلما تم قبولي ترك والدي المدينة وسكن من أجلي تلك القرية لمدة ثلاث سنوات حتى تخرجت ضحى بكل ما يملك من صحة ومال وعقار من أجل أن يعيش معي في غربتي.

الورقة السادسة:

وأخرى تقول: ذهبت مرة إلى الكلية بالباص واثناء سيرنا رأيت والدي يلحق بنا بسيارته الخاصة فما إن وصلنا الكلية إلا ويناديني ويعطني مصروف اليومي وقال الحمدلله أني لحقتك قبل دخولك واعتذر مني في التأخير.

الورقة السابعة:

وأخرى ( طالبة ثانوية ) تقول: نادتني المرشدة عند نهاية الحصة الأولى واستغربت من ذلك فكان السبب أني نسيت الفسحة وحضر والدي المدرسة فأحضر ساندويتش وعصير وقال اعطوه ( أمل) ثم مضى


بوح:

رحم الله أبي
آه كم أشتاق أيام أبي
ذلك الرجل الرهيب العصبي العصبي
إنه أورثني الحزن. ولكن مدّني
بالعزم والعزة والصبر الأبيّ
فحملت العِبء طفلا ودُموعي لُعَبي
وبكى حين رآني ناجحاً
ورِضى عينيه أطفى تعبي
إنما كان أبي قاسيا فعلاً
ويُخفي نهر حبٍّ عذِبِ
قلبه قلب صبي، صبره صبر نبي
رحم الله أبي. رحم الله أبي
وآباءكم جميعا.

رسالة أخيرة:

إنه الأب ياسادة
بطل العائلة الصبور
الفدائي الشجاع
إنه صانع الفرحة
وحاضر المواقف
ورجل الصعاب

الأب الذي صوته نور
وحضوره أنس
وأقواله أفعال
وكلمته صائبة

إياكن يابنات ويا أمهات أن ينسى ذلك البطل ، وذلك المكافح ، الذي ملئت الأدراج من أدويته بسبب ضغوط الحياة ثم بسبب أن يسعدكن ويسعد العائلة وأن يمشي بها نحو طريق الأمان.

إياكن أن تبخل إحداكن بالصدقة عليه ، أو لبناء وقفا له ينفعه في الحياة ، ها قد تكوني جربتي الآن الزوج والولد والبنت ؛والأخ واختبرتي أخلاقهم ، فمحال أن تستوي أخلاقهم ورحمتهم ؛ وخوفهم عليك مثل أبيك.

إن وقفته عندما كنت تذهبين للبقالة أو انحنائه لك عندما تركبين على كتفيه وأنت صغيرة أو مراقبته لك مع الشباك عندك خروجك أو انتظاره لك عند المدرسة لا يساوي كل ماتملكين ويملك البشر.

الآن توضئي وصلي ركعتين وقولي ( اللهم اغفر لأبي )
أيها الأب كم أنت عظيم


محبكم:
"أبوهشام" ماجد ساعد عليان أبوذراع البلوي
تويتر: @mjawad2018
أسعد بمتابعتكم..
بواسطة : ماجد ساعد ابوذراع
 0  0