×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور زيد بن محمد الرماني

بلاغات رمضانية !!
الدكتور زيد بن محمد الرماني


بلاغة (1)

لئن كان لكل خير مواسم، ولبعضها مناسبات أفراح فإنَّ شهر رمضان هو موسم جميع المسلمين الذي تتنافس فيه معطيات الخير في نفوسهم وتبرز معاني فطرهم الطيبة متحدية كل نوازع الشر والعبث.
شهر الصيام سيـد الشهـور كـما أتى في الأثر المشهور
ولم يزل في سالف الدهور مـحـتـرماً ذا بـهـجـةٍ ونــور
فيه كما في الخبر المذكور نـُزِّل بـالتـوراة يـوم الطـور
والذكر والإنجـيل والزبور فاستكثروا فـيه من القصور
في جـنة الخـلد بـلا قصور واجتنبوا اللغو وقول الزور
وانتبهوا للعـرض والنشور قـبـل حـلـول ظـلـمـة القبور


بلاغة (2)

إنَّ مَنْ يحرم إشراقات أيام وليالي رمضان المباركات وما خصها بها عز وجل من نعماء ومن جزيل العطاء، فإنه بلاشك قد حُرم الخير الكثير والفضل الذي لا يعوض في باقي الأيام.
أيا معشر الصوام وافتكم البشري
وقـد نـشـر الباري بـمـدحـكم ذكرا
خُصصتم بشهر فيه عتق ورحمة
وقد أجزل الرحمن للصائم الأجرا
ولله فـي الـعـشـر الأواخـر لـيـلـة
لقد عـظمت أجـراً كما مُلئت خيراً
فطوبى لقـوم أدركـوها وشاهدوا
تـنـزل أمـلاكٍ بـهـا أيـــة كـبـــرى
وفازوا بغـفـران الإله فأصبحـوا
يُشم عليهم من شـذا عَرْفِها عِـطرا


بلاغة (3)

كان أحد الحدادين يعمل في ظهيرة يوم صار من أيام شهر رمضان، وكان جبينه يتصبب عرقاً، فقيل له: كيف تتمكن من الصوم والحر شديد والعمل مضني؟ فأجاب: مَنْ يدرك قدر مَنْ يسأله، يهون عليه ما يبذله!!.
طـوبى لـعـبدٍ صـام لله عـــــن مطعومه شهراً ومشروبه
وصانَ عن قول الخنا صومه ولـــم يَـــشُــبـه بـأكـاذيـبه
والـتمـسَ الأجـرَ على صومه من ربه في ترك محبوبه
فــالــصــومُ لله صـــح عـــــن نــبــيــه والله يـجــزي به


بلاغة (4)

لقد خضَّ الله عز وجل شهر الصيام شهر رمضان بخصائص منها: أنه سبحانه وتعالى جعله شهراً مباركاً وجعله شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وجعل فيه ليلة خير من ألف شهر، وجعل صيامه فريضة، وقيام ليلة تطوعاً، وهو شهر المواساة، وهو شهر أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله: المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات وفطامها عن المألوفات وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب ما فيه سعادتها ونعيمها وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الظمأ والجوع من حدتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين وتضييق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب.

بلاغة (5)

طلب بعض الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحدثهم عن شهر رمضان هذا الشهر العظيم، فقال عليه الصلاة والسلام: إنَّ الجنة لتـُزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق أشجار الجنة، فتنظر الحور إلى ذلك فيقلن: يا ربنا من عبادك في هذا الشهر أزواجاً تقر أعيننا بهم وتقر أعينهم بنا. ثم قال عليه الصلاة والسلام ((فما عبد يصوم يوماً في رمضان إلا زُوِّج زوجة من الحور العين في خيمة من درة.

إنَّ شهر الصيام مضمار نـُسك وسباق إلى رضا المعبود
حـلبة خـيلها الصيام مع النـُسك وإدخـالهـا جــنانَ الخــلود



بلاغة (6)

كان المسلمون يقولون عند مقدم رمضان استقبالاً له: اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر، فسلمه لنا وسلمنا له وارزقنا صيامه وقيامه وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط وأعدنا فيه من الفتن.
ورد عن معلى بين الفضل رحمه الله قوله: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم.
أتـى رمـضـان مزرعة العـباد لتطهـير القلوب من الفـساد
فـــأدِّ حــقــوقـه قـولاً وفــعـلاً وزادك فـــاتـخــذه لـلـمعــاد
فمَنْ زرعَ الحبوبَ وما سقاها تـأوّه نــادمـاً يــومَ الحـصاد




بلاغة (7)

إنَّ لشهر رمضان في الإسلام أسماء منها: أنه شهر القرآن، وشهر الغفران، وشهر العتق من النار، وشهر الله، وشهر الآلاء، وشهر النجاة، وشهر الصبر، وشهر المواساة، وشهر الخير، وشهر الكرم، وشهر البركات والخيرات، وشهر إجابة الدعوات، وشهر الإحسان، وشهر الرحمة.
يقول مصطفى صادق الرافعي رحمه الله: من قواعد النفس أنَّ الرحمة تنشأ عن الألم، وهذا بعض السر الاجتماعي العظيم في الصوم. إذ يبالغ المرء أشد المبالغة ويدقق كل التدقيق في منع الغذاء وسبه الغذاء عن البطن وحواشيه مدة آخرها آخر الطاقة. فهذه طريقة عملية لتربية الرحمة في النفس.


بلاغة (8)

قال بعض السلف: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
إذا لـم يكـن في الـسـمع مـنـي تصاونٌ
وفي بصري غضٌ وفي منطقي صَمْتُ
فحظيَّ إذا من صومي الجوعُ والظمأ
فإن قلتُ إني صُمْتُ يومي فـمـا صُمْتُ
أية معجزة إصلاحية أعجب من معجزة شهر رمضان المبارك التي تقضي أن يُحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يوماً في كل سنة، ليحلَّ في محله تاريخ النفس.





بلاغة (9)

ورد أنَّ مَنْ أتى عليه رمضان صحيحاً مسلماً، فصام نهاره وصلى ورداً من ليله، وغضَّ بصره، وحفظ مزجه ولسانه ويده، وحافظ على صلاته جماعة، وبكر إلى الجمعة، فقد صام الشهر واستكمل الأجر وفاز بجائزة الرب، التي لا تشبه جوائز الأمراء.
وصدق قتادة رحمه الله حين قال: مَنْ لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له.
نرحلَ شهر الصبر والهفاه وانصرما
واختصَّ بالفوز في الجنات مَنْ خدما
وأصـبـح الـغـافـل الـمـسكين منكسراً
مـثـلـي فياويحه يــا عُـظـم مـا حُــرم
مَنْ فـاتـه الزرع في وقت البدار فما
تــــراه يـحــصــدُ إلا الــهـمَّ والنـَّدما


بلاغة (10)

أتى شهر رمضان، ونحن غافون عن الثواب الكثير، ساهون عن المُلك الكبير، لا هون عن لباس السندس والحرير.
في شهر رمضان أنزل الله كتابه، وفتح للتائبين أبوابه، فلا دعاء إلا مسموع، ولا عمل إلا مرفوع، ولا خير إلا مجموع، شهرٌ السيئات فيه مغفورة، والأعمال الحسنة فيه موفورة، والمساجد معمورة، وقلوب المؤمنين مسرورة.
أيــنَ أهـلُ القـيام لله دأباً بذلوا الجهدَ في رضا الجبّار
أنتمُ الآنَ في ليال عظام قـدُرهــا زائدٌ عــلى الأقـدار




د. زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
بواسطة : الدكتور زيد بن محمد الرماني
 65535  0