×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور نايف الجهني

سكت المطر فلنتكلم!!
الدكتور نايف الجهني

سكت المطر فلنتكلم!!

(1)

الآن وبعد أن هدأت اللحظة التي أربكت وعينا بالحقيقة
الآن وبعد أن كشفت الصورة عن ملامح من يحاول أن يلقي بظلال بعض الأشياء على كل الأشياء!
الآن وبعد أن شممنا رائحة الجمر الذي حاول أن يتسرب إلينا في صقيع ليلة ماطرة ، ويسعى لحرق الكلمة بلهيب المعاني المعلبة ، والانطباعات الجاهزة والنماذج المصنوعة من حروف حدث مختلف ليكون سيفا يصنع ضحية جديدة بيننا أو يجعنا جميعا من ضحاياه !
الآن وبعد أن سطع النهار بأفق جديد وتمكنت الكلمات من أن تبصر طريقها ، وجف سيل النقد الآتي من أقاصي الأمكنة ليحفر في ذاكرة مكاننا مشهدا يظنه معبرا مناسباً للنيل منا ومن أميرنا الذي علمنا كيف نضع أصابعنا على البياض دون أن نترك للسواد فرصة لأان يمر أو أن يمرر علينا لعبته ، وهو يقول " انقدونا ولكن لا تنسوا أن النقد منبعه العمل فلا تتجاهلوه " قالها قبل أعوام ..
الآن وبعد أن تشاركنا في مشاهدة الصورة بأعيننا وتشاركنا في صنع انطباعاتنا وآرائنا حول ماحدث ،
الآن وبعد أن عرفنا من يحمل لنا الحب ومن يخبيء في ثنايا لغته أشواك الربيع المخادعة !
الآن وبعد جرف سيل الكلام الجارح والتفكير الحاد والتعبير السريع في انقضاضته بعض أجزاء الصورة متوهما !
الآن وبعد أن سكت المطر ، ونطق الغيث علينا أن نتكلم ، دون أن نترك حبل الكلام رخوا ، ودون أن نترك حتى لذة حبنا لتبوك تخون وعينا بما حدث ..
علينا أن نتذكر المحو وهو يعصف بما كتبناه على جدران مدينتنا ، لنكتب نهايته
وعلينا أن نتذكر الكلمات التي جاءت تهدر باتجاهنا ، بقسوة أشد من قسوة السيول وشراستها !
علينا أن نعترف بتقصيرنا جميعا أمام هذه اللحظة ، دون أن ننسى أن محاسبة النفس جزءا من الوعي بمضمونها ، وجسرا نعبر به نحو الحقيقة
الآن وبعد أن سكت المطر ..
لنعيد رسم المشهد الذي رسمه أهلنا منذ سنوات ، ولكن هذه المرة نرسمه بالكلمات الواعية ولحظات الصدق مع النفس والنظر إلى أن ما نقوله مرصودا في فضاء الضمير الذي يطلب منا أن نقول الحق ، ونعترف بالخطأ
الآن ، وبعد أن توهمنا الخطأ بمن أوهمنا به ، اكتشفنا الخطأ الحقيقي ، وليس الخطأ الذي أراد الآخرون إقناعنا به ، وهذا هو مربط الإدراك!
الآن لنقول ونحن نرتشف بأفواهنا قراح الماء الذي ساقته غيوم الخير في تبوك ،
تبوك التي تعرف أن شامة من السواد في خدها ، لن تمنعها من أن تظهر وجهها الساطع وتجربة من عمل بها بكل تفان وإيمان ، من أهلها ومن مسئوليها وممن كان له نفحة شوق للعمل بها والمشاركة في تلوين وجهها بالبهاء تحت رؤية إبداع ترجم مضامينها أمير له في قلوبنا مالا نستطيع أن نبوحه ومالا تدركه العبارة أو يتسلل إليه الماء البارد!
فمن يتمكن من جعل أحدنا ينقض على الآخر سيجعلنا ننقض على من نريد دون أن نعرف ماذا نريد ، سيجعلنا قادرين على أخذ فكرة الانقضاض مبدأ للحياة !
الآن لنرصد الخطوات الأولى من رجل عمل مع الجميع وعمل معه الجميع لتكون تبوك الحكاية التنموية التي لا تتخاذل بها العقول ولا تتراخى حبال الركض في دروب البناء من أول قطرة في بحر ساحلها ذي الخمس محافظات ومرورا بالمشروعات التي لا تغيرها الكلمات ، سلبا أو إيجابا ، من مشروعات اقتصادية وزراعية وعلمية وثقافية وحضارية وانتهاءا بمنجزات لها في جسد الأرض رمح يضرب هامة العثرات ويمهد الدرب لركب ساقته رياح الشمال إلى أعالي الصور وعمق الزوايا!
الآن .. سكت المطر وسيتكلم الضمير الواعي الحي المنصف الحكيم ، والذي عبر عنه عدد من الكتاب الذي لم يتخذوا الحرف رصاصة تصوب نحو الضحية دون معرفة ملامحه أو تفاصيل الحياة في كيانه !

لنتذكر كيف كان الورد بهيا وهو يعطر الأرجاء بعبقه التبوكي ، وكيف كانت السواعد تتكاتف وهي تمد عزمها لحبال الركب سعيا للوصول إلى لحظة تكون فيها تبوك كما هي الآن ، فاتنة حتى وإن جنينا عليها ، مشرقة حتى وإن حاولنا طمس إشراقها بعثرات بعضنا أو بتجني البعض الآخر على رقة جسدها وجمال روحها وتميز نهضتها !
لنكتب بماء المطر حكاية الإنصاف ، وبهديل الغيم رعشة الغضب على من أربك إحساسنا بها وهي تعبر ممرا ضيقا تجاوزته بكل حب وتآزر بين أبنائها الذي حتى وإن طالبوها بالمزيد فإن ذلك من محبتهم لها ومن غيرتهم عليها فهم ليسوا بمحاولين إثارتها أكثر أو رجم ورودها بأشواك حارقة !!
لنكتب ونرصد صور البناء بها ، ومعالم العطاء ، ونذكر كل محفل كان به أميرنا يحثنا على العمل ..
لنتكلم بإدراك وبلا مجاملة عن فهد بن سلطان الذي لم يجير أي نجاح له ولم ينحاز لنفسه وهو يرى الجميع يبني والكل يحفز طاقاته لنسج صورة نفخر بها أمام من ينظر إلينا بعينين متوازنتين وضمير واحد !

للحديث بقية ....
بواسطة : الدكتور نايف الجهني
 0  0