×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

موسم الحج قبل العهد السعودي "الذاهب مفقود" .. وبعد التوحيد على يد المؤسس "الأمن والأمان"

موسم الحج قبل العهد السعودي "الذاهب مفقود" ..  وبعد التوحيد على يد المؤسس "الأمن والأمان"
 
كان موسم الحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية لم يتوفر فيه الأمن والأمان، وكان الحجاج لا يمشون إلا في جماعة لسوء أحوال الأمن واضطرابه ، وعندما كان الرجل ينوي الحج كان أقرباؤه وأصدقاؤه يودعونه وداع الفراق، وكانوا يقولون "الذاهب للحج مفقود والعائد منه مولود"

المخاطر التي كانت تواجه الحجاج

وكان الحاج تجتمع عليه المخاطر وتتناوشه من كل جانب ، سواء كان قطاع الطرق أو الكوارث الطبيعية مثل السيول والأمطار أو شح المياه أو الحيوانات المفترسة التي تقابله في رحلته، وفوق كل ذلك الإتاوات التي تدفعها القوافل للسماح لهم بالمرور.

image

ومن كان يريد زيارة جبل النور، و هو جبل قريب من المسجد الحرام يوجد به غار حراء ، أن يحمل معه الماء الكافي ، و أن يكون الحجاج على شكل جماعات يحملون السلاح حتى يدافعوا عن أنفسهم من اللصوص الذين يتربصون بهم لسلب أمتعتهم.

الدولة العثمانية "موقف المتفرج"
والغريب في الأمر أن سلطات ذلك الزمان التابعة للدولة العثمانية كانت تقف موقف المتفرج من هذه الفوضى وإيذاء الناس و الحجاج حتى إنه حدث قتال في مكة ليلة بين الأعراب أمام ديوان الحكومة دون أن يبالوا بها، وقد قتل في تلك المعركة ثمانية أشخاص وذلك بدلاً من أن يستتبوا الأمن والأمان للحجاج والمواطنين .

image

و لم تكن مخاطر الحج وقفاً على اللصوص و قطاع الطرق فحسب ، بل كانت الطرق التي يسلكها الحجاج محفوفة بخطر السيول والأمطار ، سواء من داخل الجزيرة العربية أو خارجها ، حتى إن بعض حجاج الكويت يفضلون السفر بحراً ، لانعدام الأمن في الطرق البرية في الجزيرة العربية ، و رغم ما في السفر عن طريق البحر من مشقة ، حتى إنهم كانوا يسافرون إلى بومبي ومنها إلى جدة مروراً بالبحرين و دبي و بندر عباس و مسقط و كراتشي، ثم تبحر السفينة من بومبي إلى عمان ثم المكلا و عدن و بربرة حتى تصل إلى جدة، و كانوا يتجشمون هذه المشقة و لمدة حوالي الشهر تجنباً لمخاطر السفر بالبر.
و مثل الحجيج من خارج الجزيرة العربية، كان كذلك من ينوي الحج من أهل الجزيرة يعانون أشد المعاناة عند توجههم للحج ، فكانوا يغادرون مناطقهم سواء من الجنوب أو الشرق عقب عيد الفطر في رحلة تستغرق شهرين على الجمال ومشياً على الأقدام، و كان بعضهم يموت في الطريق قبل الوصول إلى المشاعر بسبب المرض أو لدغ الثعابين، و كانوا يمشون في جماعات خوفاً من قطاع الطرق.


image

العصور الزاهية
وفي أعقاب العصور الزاهية المتمثلة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعصر خلفائه الراشدين من بعده، التي شهدت المد الإسلامي في أوروبا وآسيا وإفريقيا، لم يعرف المسلمون دولة التزمت بتطبيق الشريعة الإسلامية إلا مع بزوغ فجر الدولة السعودية التي أسسها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -؛ إذ كانت انطلاقته في الخامس من شوال 1319هـ فاتحًا الرياض واستعادتها وتوحيد أرجاء الجزيرة العربية في كيان واحد حاملاً الأمانة، وباذلاً الغالي والنفيس من أجل توفير الأمن والأمان في دولته لتأمين قوافل الحجيج لأداء فريضتهم في يسر وسهولة، بعد أن عاشت بلاد الحرمين الشريفين فترة من الزمن في صراعات وفتن واضطرابات ونهب وسلب وقتل.


image

وكان الوضع الأمني الهاجس الأكبر في فكر الملك عبدالعزيز وفي وقت مبكر من دخوله الرياض، بل كان محط أنظار المسلمين، ومحل تطلعاتهم لتخليصهم من تلك الأوضاع الأمنية المتردية، وأنه هو المنقذ كما ورد في بعض الوثائق والمصادر التاريخية، منها وثيقة مرسلة للملك عبدالعزيز في 3 صفر 1342هـ، أي قبل دخوله بلاد الحجاز، من قافلة حجاج الأفغان والأعاجم، وهي رسالة مطولة ومفصلة، يشرحون فيها الحالة المتردية، وأنهم تقطعت بهم السبل للوصول إلى بيت الله الحرام، وأنهم محاصرون بسبب الظلم والتعنت والرسوم الباهظة التي تؤخذ منهم عنوة، وهم يسمعون عن الملك عبدالعزيز العربي العادل. وجاء في الوثيقة: (ما بقي لأهالي الحجاز والحجاج ناصر، فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يديم حفظه ونصره ولطفه وعونه وإحسانه وكرمه للإمام عبدالعزيز بن الإمام عبدالرحمن، أن يشفق على أهالي الحجاز والحجاج؛ فيطهر البلاد، ويحكم على كل ظالم بقطع دابره، ونشر العدل، وتأمين الطرق، والنظر في مصالح العموم).

image

رؤية الملك عبدالعزيز
ولقد انطلقت رؤية الملك عبدالعزيز منذ الوهلة الأولى التي دخل بها بيت الله الحرام محرمًا متجردًا ببياض العزيمة الصادقة والنية المخلصة، وقد وضع نصب عينيه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته» بأن حماية الحجيج وأموالهم وأعراضهم مسؤول عنها أمام الله، وأن حماية الحرمين الشريفين وتأمين الحج والسهر على راحة ضيوف الرحمن واجب من واجبات الملك.

ولقد حرص الملك عبدالعزيز عند دخوله مكة المكرمة عام 1343هـ على أن يوجه نداء إلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها غرة شعبان 1343هـ (25 فبراير 1925م)، جاء في بعض فقراته: (إننا نرحب ونبتهج بقدوم وفود حجاج بيت الله الحرام من المسلمين كافة في موسم هذا العام 1343هـ، ونتكفل بتأمين راحتهم، والمحافظة على جميع حقوقهم، وتسهيل أمر سفرهم إلى مكة المكرمة من أحد الموانئ التي ينزلون إليها، وهي: [رابغ - الليث - القنفذة]، وقد أُحكم فيها النظام، واستتب الأمن استتبابًا، فقد دخلتها جيوشنا، وسنتخذ التدابير في هذه المراكز وجميع الوسائل التي تكفل تأمين وراحة الحجاج إن شاء الله تعالى).


image

واهتم الملك عبدالعزيز بعد دخول الحجاز تحت حكمه عام 1925 بالحفاظ على أمن الحجيج، وتابع المؤسس هذه الأعمال بنفسه، بل واتخذ إجراءات عدة لتحقيق ذلك منها إنشاء فرق عسكرية وأمنية تعمل على استتباب الأمن وتأمين حياة الحجاج خلال أدائهم مناسك الحج حتى يعودوا إلى بلدانهم سالمين، ما جعل مراسل صحيفة (مانشيستر جاردين في بغداد) يشيد في تقرير نشرته الصحيفة بنجاح موسم حج عام 1927، وأبرز في مضامينه جهود الملك عبدالعزيز في خدمة الحجاج.

استبشار المسلمين بنداء الملك عبدالعزيز
وكان المسلمون قد استبشروا بهذا النداء الذي تُرجم عمليًّا منذ ذلك التاريخ المجيد بإحداث نقلة، اطمأن الناس إليها في بذر جذر الأمن العميم الذي ساد حتى الهضاب والقفار وبطون الأودية.

ومن الصعب سرد الإنجازات والمشروعات التي قامت في عهد الملك عبدالعزيز وأبنائه الملوك (سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله - رحمهم الله -)، وعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله- .

image

إصلاحات الملك عبدالعزيز في نقاط:

- دعوة الملك عبدالعزيز لانعقاد مؤتمر عام إسلامي، انعقد في 20 ذي القعدة 1344هـ خدمة للحرمين الشريفين وأهلها، ولجمع كلمة المسلمين، وتوحيد صفهم.

- إحداث تنظيمات إدارية للحج في بداية نشوء الدولة السعودية الحديثة

- إلغاء رسوم الحج

- أنشاء مصنعًا للكسوة المشرفة

- اتخاذ ملوك هذه البلاد لقب (خادم الحرمين الشريفين)

- القدرة التنظيمية والرؤية الواضحة للأهداف

image

التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد