×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

( ليلة القدر)

(  ليلة القدر)
 وما أدراك ما ليلة القدر، سؤال بصيغة تعجب وجهه ربنا عز وجلّ وخالق كل شيء ومليكه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، لما لهذه الليلة من شأن ومكانة عظيمة وبركة وأجر ومثوبة لا حدود لها لمن قامها إيماناً واحتساباً ولعلنا قبل الخوض في غمارها من نواحي أخرى أن نشير إلى أن كلمة القدر بفتح الدال وإسكان الراء تعني مبلغ كل شيء ونهاياته وما يقدره الله على سائر عباده من خير أو شر، وهو أحد أركان الإيمان الستة من فرط فيها أو في أحدها، فلا إيمان له وهو من الخاسرين، والقدر في المفهوم الإسلامي يُعد جزءً لا يتجزأن من المعنى الشامل للقضاء، فبينما يُمثل القدر الحكم بالجزئيات على سبيل التفصيل فإن القضاء يُمثل الحكم بالكليات على سبيل الإجمال، وهما متلازمان ولا ينفصلان البتة، أما ليلة القدر والتي نحن بصددها في هذا المقام، فهي تلكم الليلة التي يترقبها عموم المسلمين بشوق وشغف في أيام الوتر من العشرة الأخيرة لشهر رمضان المبارك في كل سنة هجرية، أما سبب تسميتها فقد قيل بأن المقادير، تُقدر فيها، وتوزع الأرزاق بالإضافة لأعمار العباد وآجالهم، أما سر اقصارها على الليل دون النهار فقد رجح علماء المسلمين ذلك، لكون الليل عادة ما يتسم بالهدوء والسكينة بخلاف النهار الذي تكثر فيه الحركة والضجيج، ولشرفها وقدسيتها فقد خصها تبارك وتعالى بنزول القرآن الكريم فيها وفي شهر رمضان تحديداً والذي قال عنه صلى الله عليه وسلم من صامه إيماناً واحتساباً غُـفر له ما تقدم من ذنبه، وليلة القدر تُعد من أعظم لياليه التي تزداد فيها الحسنات، وتُمحى فيها السيئات لمن استغفر الله وتاب وأناب اليه، فعندما سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا أقول إذا رأيت ليلة القدر؟ قال قولي ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) فما أعظمها من ليلة تشرفت بنزول القرآن الكريم عوضاً عن نزول الملائكة والذين من كثرتهم تضيق بهم الأرض كما أسلفنا، عدا كونها خير من ألف شهر، وهو ما يساوي حسابياً ثلاثة وثمانون عاماً من أعمار البشر، ونزلت باسمها سورة ( القدر) في القرآن الكريم تعظيماً لشأنها وشرفاً وتخليداً لها كما في قوله تعالى ( إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) جعلنا الله من الموفقين لإدراك هذه الليلة الاستثنائية من هذا الشهر الفضيل وممن غُفرت لهم جميع ذنوبهم، وللجميع صادق الدعاء بالفوز بالجنة، قولوا آمين آمين، يارب العالمين.
عبد الفتاح أحمد الريس
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد