×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

قضايا اجتماعية.. الجزء الخامس عشر قضية " ظلم الشخص لنفسه"

قضايا اجتماعية.. الجزء الخامس عشر قضية " ظلم الشخص لنفسه"
 قال تعالى : " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " .
فكيف يظلم المرء نفسه ؟ ومتى ؟ ولِمَ قد يفعل ؟ .
أَبَلَغ به الظلم مداه ، حتى تجاوز حدَّه وتعداه ، فلم يقتصر على ظلم من عاداه ، وأصبح يظلم نفسه بنفسه وهذا ما جنته يداه .
يظلم نفسه حين يُقعده اليأس ونراه قد أرداه ، وحين يمتلئ الرأس بأفكار يحبس منها أكثر مما أبداه ، فيتشكل بها ضغطا على أعصابه ولا نعرف نهايته كما جهلنا مبتداه ، فيعاقب نفسه بعزلة وإهمال لا تُرى له فائدة ، ولا ندرك جدواه ، ولكنه يلجأ إليه هروباً ، فعقله المنغلق لذلك هداه ، فاستجاب له دون تفكير ، وكأنه جرثومة ويخشى على الناس عدواه ... .
هو ظالم لنفسه ، حين يُحَمِّلُها ما لا تحتمل من المهام ، وحين يجبرها على من لا يُقَدِّرُها من الأنام ، وحين يجعلها أسيرة مخاوفه على مرّ الأيام ، فيجذبها للخلف ويخشى دفعها للأمام ، ويتعامل مع أحلامه على أنها أوهام ، ويعيشها في خياله لتظل في حياته أحلام ، فإن حنَّ لرؤيتها يكفيه أن ينام ، فليس لها في واقعه وجود ، فقد أعلن استسلام ، فلا يفعل لنفسه ما يجعلها تُرى واقعا فيُرام ، أو أن يحيلها بجهده لنجاحات تُقام ، كما يفعل كل مناضل في سبيل حلمه وهُمام ، فيعيش حياته كما يستحق براحة وسلام ... .
وهو ظالم لنفسه حين يتنازل عن حقها فلا ينصفها ، ويزيد تعبها فلا يسعفها ، ويرضى بظلمها ويجحفها ، ويرهقها دون أن يسعدها ، يجعلها تزرع ولا يظهرها وقت الحصاد ، وتعطي ولا تأخذ وكأنه معها في عناد ، وتقدم ولا يقبل لها ارتداد ، وكأنه يرفض أن يكون بينها وبين الفرح ميعاد ، يدفعها للهلاك ويرفض أن يكون لها مع السعادة ميلاد ... .
وهو ظالم لنفسه حين يكون متشائما في أفكاره ، ومترددا في جميع أحواله ، وبخيلا عليها في أمواله ، ناقدا لها في أقواله ، ومهملا لها في أفعاله ، فليس لها نصيب في مكياله ، وليس لها حق أن تستظل بظلاله ، فليست إجابته إن طالبناه بسؤاله ، وليست حقيقته إن أخرجناه من خياله ، فلا يراها بعينه حتى وإن جعلناها قباله ... .
وستظل معه القريبة الغريبة ، والعدوة الحبيبة ، والسهلة الصعيبة ، حياتها عصيبة ، فهي النفس الكئيبة ، والتي بصاحبها أضحت معيبة ، وعن الوجود دوما مغيبة ، فكيف لها إن استدعاها أن تجيبه ، وكيف لها إن أصابها أن تصيبه ، وكيف لها إن ذكرها بلحظة أن تثيبه ، فنظلمها وهي المطيعة والأديبة ، حتى غدت من ظلمها في عين صاحبها غريبة ، فحسبها الله ، كما الله حسيبه ، وحسبنا أن نعترف كم هي الدنيا عجيبة ، فإن اعترفنا بظلمنا للنفس فهي والله المصيبة ، فأي ظلم بعدها " تهمة بحُلَّتِها مُريبة ، وكأن ظالمها يقدمها ضريبة ، ( إنها النفس ) فهل تعي قدر الضريبة ؟ ، فضلا عزيزي لا تُجِب ، فالأمر أعظم أن تجيبه .
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد