×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

قضايا اجتماعية.. الجزء السابع عشر قضية "أجواء التخرج"

قضايا اجتماعية.. الجزء السابع عشر قضية "أجواء التخرج"
 مناسبة شغلت بال الجميع في الفترة الأخيرة ، وسيطرت على تفكيرهم ، وملأت بالاستعداد لها أوقاتهم ، وسخرّوا لها طاقاتهم ، وكافة إمكاناتهم ، وكأنهم يسابقون زمانهم ، فقد علقوا عليها آمالهم ، وربطوا بها أحلامهم ، وقضوا بانتظارها أيامهم ، ورضوا لأجلها في التنازل عن بعض أهوائهم ، أو الحرمان من بعض حقوقهم ليقدموا كل ما بوسعهم أو حتى فوق إمكانهم ... .
فهو التخرج الذي كان حلما لهم ، وهاهم يقتربون من تحقيقه ، وكان بعيدا عنهم وهاهم اليوم يلمحون ضوء بريقه ، وكان صعبا ولكنهم وبجهدهم تمكنوا من تطبيقه ، حتى بدؤوا يرددون شعاراتهم كلٌ حسب فريقه ، ويتخيلون حياتهم كلٌ حسب طريقه ، ويتدرجون بخطواتهم حسب أعمارهم ، جديده وعتيقه ، بسيطه وأنيقه ... .
فأبسطه وهو الدخيل ، من يتخرج من الروضة ، فهو سيرتاح من حمل ثقيل ، وعامه بنظره جدا طويل ، وقد أنهاه بلا وضوح أو دليل ، وإن كان قائما على التدليل ، إلا أنه للعب يميل ، والوقت في معظمه جميل ... .
وثانيه وهو الأساس ، من يتخرج من الإبتدائي ، فهو البذرة الأولى ، ولها اليد الطولى ، في الاستمرار بثبات ، سواء للأولاد أو البنات ، فإما اكتفاء وما الفتات ، وإما البقاء وإما الشتات ... .
ويليه التخرج من المتوسط ، وهو الداعم الأقوى ، ومن يتجاوزه بنجاح أظنه سيبقى ، وخير ثمارٍ سيلقى ، وبسرعة وثبات ، باقي الدرجات سيرقى ... .
وبعده التخرج من الثانوي ، وهو الفيصل في النجاح ، وهو لصاحبه سلاح ، فلا يغادر إلا وقد أمسك المفتاح ، وقد رأى مستقبله بكل اتضاح ، إذ غدا حلمه بنوره الوضاح ، فلم يعد يخفى عليه ، فهو كالصبح إذا لاح ، ومعظم همّه بنجاحه ينزاح ، ونصف مشواره قد راح .. .
والأكبر منه هو التخرج من الجامعة ، وهي المرحلة التي لكل ما سبق جامعة ، وبشهادتها كل النجاحات تبدو لامعة ، وكل ثمارهم غدت يانعة ، وأصوات سعادتهم للجميع سامعة ، فأسماؤهم صارت لامعة ، وأعينهم من فرحها دامعة ، ونفوسهم بتحقيق رؤيتهم بدت طامعة ... .
والكثيرون بها سيكتفي ، وبعضهم عن مقاعد الدراسة لن يختفي ، فما زال يطمع بالمزيد ، ولغيرها يطمع ، وبها يريد أن يحتفي ، فهاهو يسعى للماجستير ، ليصبح بتخصصه خبير ، وبالشهادة جدير ، فإن حازها وتخرج ، فهو من فرحه سيطير ، وسيحسده عليها الكثير ...
والأجمل من ذاك من واصل للحصول على الدكتوراة ، وسعى لها ، واختار لها أطروحة ، وبدا بها ، فبحث ونقّب ، وبين الكتب تقلّب ، ومنهم من تغرّب ، وللجميع تقرّب ، وقدّم من جهده كل ما يتطلب ، حتى ظهره قد يتحدّب ، وعوده قد يتصلب ، وذهنه عن يتشعب ، وفكره بدا يتسرب ، حتى تمنح له بجدارة ، فتمنحه فرحه بإثارة ، فهي أعطت لحياته إنارة ، وارتقى بها أعلى منارة ، وكانت على جهده إشارة ، وأصبح قادرا في حياته على الإدارة ، فلم يعد يجهل مساره ، ولم نعد نجهل مداره ... .
وما زال هناك قمم تنتظر أصحابها ، ودرجات لا يستحقها إلا طلابها ، فمن سعى لها حازها ، ومن تعب لأجلها نالها ...
فهو التدرج في التخرج ، فلا تكن متفرج ، وعلى سُلّمه فعرِّج ، فإن لم تفعل فقد قبلت بدور المهرّج ، فاسعى لأن تكن من بعضها متخرج ... .
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد