×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

طيف من الأمل

طيف من الأمل
 
بقلم شاكر هاشم محجوب - جدة

لم تتوقع أبداً أن تتبدل أحوالها لمجرد رسالة وقعت عينها عليها صدفة من بين عشرات الرسائل التي تقرأها يومياً، هرباً من الفراغ القاتل الذي فرض عليها بسبب بعض الظروف التي داهمتها، وجعلت منها أنثى بلا كيان تمضي حياتها كدمية بلا إحساس وفي غيبوبة من الزمن والمكان، فكل ما تعرفه من الدنيا، لا يتعدى الخمول والألم.
كانت رسالة لم تقرأ مثلها لامست تلابيب فؤادها تحول معها كل شيء حولها إلى جمال.
قرأتها بكل تمعن وسكينة ورددتها بصوتها المفطوم من حلو الكلام، وتغنت بها في صدرها المليء بالأحزان، شعرت من خلال كلماتها الدافئة بأنها المعنية فيها، فعاشت معها أحلامها الوردية في عالم من الخيال، تلهو في ساحات من المشاعر لم تعشها أو تجربها من قبل وكأنها تستنشق لأول مرة رائحة الحب النقي.
تحترق ببطء في لهيبه فداعب روحها بنسماته الباردة وأنساقت وراء رياحه الجامحة كان هناك شيئاً غريباً يرغمها على قراءة كل ما يكتبه فارسها الأسطوري ، فأدمنت متابعته تنتظره بشغف.
فما أن يأتي الليل تختلي مع كلماته التي كان لها مفعول السحر ، حتى بات كل ما تتمناه أن تعيش معه بعضاً من اللحظات في نعيم جنته.
أصبح لها بمثابة الأمل الذي ترى به النور فيمنحها الصبر لكي تتحمل ساعات ثقيلة كانت تعيشها كل ليلة مع شبح البؤس والإنكسار ، وسط العتمة في غياب القمر.
وحتى النجوم عن سمائها أصبحت رسائله جليسها وونيس لها في سهر لياليها.
ترتدي أحاسيسها حروفه، وتمضي كل الوقت تترنم مع كل كلمة له، تلحنها وتشدو بها بفرحة العشاق.
تخلد بعدها إلى النوم بإبتسامة دافئة تحتضنها أحلام تكون فيها أميرة الأميرات.
يزورها الحب ينتشلها من الغرق في دموعها، يغازلها ويلقى همساته في قلبها، يطمئنها بعدم الإبتعاد عنها وتركها ولا حتى للحظة.
فمن يرى جمالها يذوب في سحر عينها، و حلى شفتيها المرتعشة ، يأخذ بيدها في لياليها المظلمة إلى حيث ألوان الحياة، يحرس أحلامها حتى آخر رمق من الليل.
تستيقظ مع نفحات أنفاس الفجر، ومازالت حروفه يصدح صداها في صدرها، تداعب أطياف روحه تسكب أشواقها عليه ، كتعاويذ تحصنه من الجميع، ويبقى وحده حبيبها .
تتخيل ملامحه كنسمة من الجنة، ترتل قصيدة عاشق عنوانها أحبك.
كانت تشعر بقربه منها رغم بعده تراه كالماء والهواء تنادي باسمه ليل نهار ، وعلى وجنتيها تتهاوى دموع الأشتياق كقطرات الندى.
يهفها الحنين لملامسة خدود الورد.
مضى وقت طويل وهي على هذا الحال مندفعة بعواطفها وجوارحها، متعلقة بخيوط الوهم والسراب، وفي قرارة نفسها تخشى أن يتحطم كل شيء، ويصبح كحلم هش، لكنها غامرت وبتهور وللأسف جفت الأمنيات ووقع المحظور.
فمن خلال آخر رسائله، علمت أنها ليست المقصودة، ولم تكن تلك الرسائل لها، أو لأحد من نساء الدنيا، فهو متعلق بالحور العين.
تبخر حلمها البعيد، كان ليس حباً بل موت بطيء، خذلها قلبها، وقضى على ما تبقى منها من إحساس. لكنها ستحاول أن تعيش وتبقى بكل ما أوتيت من طاقة مع فارس الحب
تعيش بطيف من الأمل ، وسراً تدثره كلماته وحروفه بين روحها وقلبها.
سيبقى اسمه يتجول في ذكرياتها، وإن افتقدته والغصة تؤرق حياتها.
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد