×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

نكتئب لنحيا !

نكتئب لنحيا !
 
علياء صالح
مرحبًا .. أيها القارئ
أو دعني أقول لك مُر عُسرًا ..
يبدو أنها التحية الأنسب مني إليك وإن كنت لا تعرفني، فأنا ذاك الذي يحرمك لذة العيش ولذة السعادة .
أنا الإكتئاب ..
أنا ذاك المُتمرد الذي يجلس على عرش أفكارك فينخر فيها حتى يحول بينك وبين الحياة !
ياصديقي لن تنجو مني ما حييت فأنا جزءٌ من سلسلة الإختبارات الإلهية التي قد وضعها الله في هذه الأرض ..
لا حياة لك من دوني سأظل أتهجمُ عليك دائمًا ، أتعلم يُضحكني كثيرًا من يظن أن الدُنيا فيها حياة مثاليه !
والأكثر من ذلك يقتلني ضحكًا هو من يبحث عن السعادة الكاملة في الحياة وينسى أني رفيق دربه إلى أن تغادر روحه جسده !
أنا رفيق وحدتك ومُثيرُ حُزنك ، نعم أؤنسك بالحُزن مادمت فارغًا فلا أستطيع أن أراك مبتسمًا أو ساكنًا بلا شعور ..
أحب كثيرًا أن أرى ذبول ملامحك وشحوب وجهك وأعشق ذلك السواد الذي يتكئ تحت عينيك !
كلما رأيتك وحيدًا انفردت بك أكثر وجعلت أذكرك كم أن الحياة بلا معنى وكم أن الآخرين لايكترثون لك وانظر إلى كم هم سُعداء ، وأنت وحدك غارقٌ في هذا الحُزن ، تعاركني فلا تقدر علي !
لو تدري كم استمتع بمشاهدتك حزينًا ، ومايزيد مُتعتي هو أن أرى عينيك تهطل دموعًا لذكرى حزينة أوحيتُها إليك ..
أحب أن أراك مُستسلمًا فوضويًا بشعًا ذو نظرة سوداوية لا تبيّضُ أبدًا.
حسنًا .. لا تظنُ بأنني شريرٌ لهذه الدرجة فأنا أقوم بعملي الذي خُلقت من أجله ، وأما أنت فقد صغوت إليّ ولا سُلطان لي عليك !
أتعلم ياصديقي ، إن عدوي اللدود هو ذلك الذي يعمل ، إنني أنفر منه وأكرهه ، ذاك الذي نادرًا ما أراه وحيدًا وحتى في عُزلته مشغول إما بعمل أو بصلاة أو بذكر وتسبيح ! .
ياله من مخلوق عجيب .. كيف أنه يقدر على مطارحتي فيصرعني فلا أتمكن منه ، فيقتلني قبل أن أولد ، ويطفئني قبل أن أتقد ، هو يعلم جيدًا أنني أسكن بداخله ولهذا هو يعمل ، يُشغل نفسه قبل أن أشغله ، يغضبني ذكاءه كثيرًا !
هو يعرف خططي جيدًا ويعرف مداخلي أيضًا ، يُدرك تمامًا أنني أسكن العقل الذي يفطن لكل شيء ! اهديه الوعي ونظرة بها حقيقة الدُنيا ،وبعدها أشتعل بداخله فلا يمكن لأي قوة أن تطفئني ! .
ذاك الذي يعمل هو عدوي ، هو قاتلي ، هو السفاح الذي ينهي وجودي كلما لاح لي قبسٌ من شر !.
أنت أيها الإنسان خُلقت لتعبد وتعمل وتنام .
فإن فرغت من إحداهم وجدتني أتجلى إليك حتى من أصغر الأبواب.
إن عرفت حقيقتي وحقيقة استوطاني لقلبك وعقلك ستعمل كثيرًا وتفرغُ قليلًا .
أنت أيها الإنسان تكتئبُ لتحيا ولست تحيا لتكتئب !
أنا آتيك لتهرب مني بالشغل والعمل وليس لتستلم لي بالكسل والنوم .
فأنا أعدك أنك إن خضعت لي فإني سوف أرديك للموت قبل أوانك.
فمعي أنت إما أن تحيا لتكتئب أو تكتئب لتموت !
وذلك الذي يعمل هو من يحدد مصيره ومصيري فيعقل وجودي ويحاربني فيغلبني وشعاره الذي أكره سماعه في جوف قلبه هو الموت في ظل المحاولة أشرف من العيش في ذُل الإستسلام ، وأنا لا مكان لي في إنسان يعمل ، إنما وطني ذلك المُفكر الكسول !

التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد