×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

بعض الخوف قوة !

بعض الخوف قوة !
 
- علياء صالح
احتضن ذلك المُسن ابنهُ وراح ينظر للأفق وهو يحدثهُ قائلًا : إن من أسوأ المشاعر يابُني هو الخوف !
ولهذا كان الخوف إبتلاءٌ وجزءٌ من عِقاب ..
عندما قال الله العظيم : ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف ، أدركتُ هنا أن الخوف نوعٌ من البلايا للإنسان وأنه من صبر على الخوف يابُني كمن صبر على مرض وإبتلاءٍ محسوس !
بل إن الخوف أشد !
نطق الفتى مُستفسرًا : وكيف هو أشد ؟
أجابه ابوه : ذلك لأن البلاء المحسوس له دواء محسوس، إنما الخوف شيء لا يُرى ودواؤه فقط بيد العظيم الذي لا يُرى.
لا يمكن لإنسان يابُني أن يستطيع وصف خوفه كما يشعر به .
إن الخوف متفاوت في النفوس !
"وهل الخوف ضعف؟"هكذا سأل الفتى والده، ليجيبه بابتسامة تكسو وجهه البشوش : ليس دائمًا يا بني ، يُقال أنه من خاف أمن وسلم . واعلم أنه بقدر مابداخلك من خوف هناك أضعافه قوة ، فالقوي هو الذي يخاف ، وإن كنت لا تخاف البته فاعلم أن بك جهلًا عليك أن تداويه قبل أن يتفاقم .
"لكنك قلت أن الخوف إبتلاء" . هكذا أجاب الفتى والده ، ليعجب الأبُ بذكاء ابنه فيُردف قائلًا : احسنت ، لكن كذلك القوة إبتلاء ، وابتلاءات الله ليست بالشر فقط !
الخوف طبيعة وزيادته إبتلاء وزيادة فوق الزيادة جُبن .
وكذلك القوة يابني ، هي طبيعة وزيادتها نعمة وزيادة فوق الزيادة جهل . فإن من بالغ الحكمة أن يحتاط المرء بقليلٍ من الخوف في جوف القوة حتى ينجو ، أما خوف الإبتلاء فلا يرفعه إلا مُنزِلُه
نظر الفتى قليلًا ثم قال في تساؤل : وإذًا ماهو الخوف الذي هو جزءٌ من عقاب؟ .
أجابه والدهُ بعد أن نظر في عينيه : إنه خوفٌ هو أشد أنواع الخوف بؤسًا.
الفتى : وكيف يا أبتي ؟
أردف الأب قائلًا بصوت تملؤه الحكمة ويتخلله بعض الوجَس : إنه خوف معرفة المصير المحتوم ! .
كذاك الظالم الذي يتبوأ مقعده من النار فيرى الزبانية تحمل السلاسل والأغلال فلا هو يستطيع هربًا ولا نفورا .
أرأيت يابني إن كان الخوف سيئًا في الدنيا هو كذلك في الآخرة ، بل ويُقال يابُني أنه من خاف ربه في الدنيا أمّنه في الآخرة ومن أمنه في الدنيا خوّفه في الآخرة . فاستعذ بالله من خوف العقاب واسأله اللُطف والمغفرة . وتذكر يابني أن خوف القوي ذكاءٌ ، يزيده قوة ويعزز له فرص النجاة والسلام سواء أكان ذلك في الدُنيا أم في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون .
التعليقات 0
التعليقات 0
المزيد