×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور زيد بن محمد الرماني

حكايات اقتصادية !!
الدكتور زيد بن محمد الرماني

لا شك أن الاقتصاد ركن أساس من أركان المجتمع بل لعله من أهم أركانه، ولا أدل على ذلك من أن الكثير من علماء المسلمين كانوا تجاراً، وكان التجار من أفضل الدعاة للإسلام، بما مثلوه من قدوة ونموذج عال من الاستقامة والفضيلة والخلق.

طلب الحلال: ورد أن الأوزاعي رحمه الله لقي إبراهيم ابن أدهم رحمه الله وعلى عنقه حزمة حطب فقال له: ياأبا إسحاق إلى متى هذا؟ إخوانك يكفونك فقال: دعني عن هذا يا أبا عمرو، فإنه بلغني أنه من وقف موقف مذلة في طلب الحلال وجبت له الجنة.

الحذر من الرياء الاقتصادي: ورد عن يونس بن عبيد رحمه الله أنه كان خزازاً أي يبيع الخز، فطلب منه خز للشراء، فأخرج غلامه سفط الخز ونشره، ونظر إليه، وقال: اللهم ارزقنا الجنة، فقال لغلامه: رده إلى موضعه ولم يبعه، وخاف أن يكون ذلك تعريضاً بالثناء على السلعة.

اقتصاديات طوبى/ويل: كان بعض السلف يقول: لا اشتري الويل من الله تعالى بجنة، يعني قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: 1] فكان إذا أخذ نقص نصف حبة وإذا أعطى زاد حبة، وكان يقول: ويل لمن باع بحبة جنة عرضها السموات والأرض! وما أخسر من باع ((طوبى)) وهي شجرة في الجنة بـ ((ويل)) وهو واد في جهنم.

الإتقان الاقتصادي: سأل رجل حذاًء ابن سالم وهوأبو الحسن علي البصري، فقال: كيف لي أن أسلم في بيع النعال؟ فقال: اجعل الوجهين سواء، ولا تفضل اليمنى على الأخرى، وجود الحشو وليكن شيئاً واحداً تاماً، وقارب بين الخرز، ولا تطبق إحدى النعلين على الأخرى.


اقتصاديات النصح: ورد أنه كان عند يونس بن عبيد رحمه الله حلل مختلفة الأثمان ضرب منها قيمة كل حلة منها أربعمائة وضرب كل حلة قيمتها مئتان، فمر إلى الصلاة، وخلف ابن أخيه في الدكان فجاء أعرابي وطلب حلة بأربعمائة، فعرض عليه من حلل المئتين، فاستحسنها ورضيها، فاشتراها، فمشى بها وهي على يديه، فاستقبله، يونس فعرف حلته فقال للأعرابي: بكم اشتريت؟ فقال: بأربعمائة، فقال: لا تساوي أكثر من مائتين، فارجع حتى تردها، فقال: هذه تساوي في بلدنا خمسمائة وأنا ارتضيتها، فقال له يونس: انصرف، فإن النصح في الدين خير من الدنيا بما فيها، ثم رده إلى الدكان ورد عليه مئتي درهم، وخاصم ابن أخيه في ذلك، وقال: أما استحيت؟!أما اتقيت الله؟! تربح مثل الثمن وتترك النصح للمسلمين؟! فقال: والله ما أخذها إلا وهو راضي بها، قال: فهلا رضيت له بما ترضاه لنفسك!!.

التنقية الاقتصادية: نظر الفضيل بن عياض رحمه الله إلى ابنه وهو يغسل ديناراً يريد أن يصرفه ويزيل تكحيله وينقيه حتى لا يزيد وزنه بسبب ذلك، فقال: فعلك هذا أفضل من حجتين وعشرين عمره.

التسامح في البيع والشراء: ورد عن السري السقطي رحمه الله أنه اشترى مكيال لوز وهو ستون قفيزاً، بستين ديناراً وكتب في دفتره ثلاثة دنانير ربحه، وكأنه رأى أن يربح على العشرة نصف دينار فصار اللوز بتسعين، فأتاه الدلال فطلب اللوز، فقال: خذه: قال: بكم؟قال: بثلاثة وستين ديناراًُ، فقال الدلال- وكان من الصالحين-: فقد صار اللوز بتسعين، فقال السري: قد عقدت عقداً لا أحله لست أبيعه إلا بثلاثة وستين، فقال الدلال: وأنا عقدت بيني وبين الله ألا أغش مسلماً، لست آخذه منك إلا بتسعين، قال الراوي: فلا الدلال اشترى منه ولا السري باعه!؟.

معرفة اقتصادية: شهد عند عمر رضي الله عنه شاهد فقال: ائتني بمن يعرفك، فأتاه برجل، فأثنى عليه خيراً فقال له: أنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا، فقال: كنت رفيقه في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق، فقال: لا، قال فعاملته بالدينار والدرهم الذي يتبين به ورع الرجل؟ قال: لا. قال: أظنك رأيته قائماً في المسجد يهمهم بالقرآن، ويخفض رأسه طوراً ويرفعه أخرى! قال: نعم، فقال: اذهب فلست تعرفه، وقال للرجل: اذهب فأتني بمن يعرفك!






أ . د / زيد بن محمد الرماني ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية


للتواصل : zrommany3@gmail.com
بواسطة : الدكتور زيد بن محمد الرماني
 0  0