×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور مسعد العطوي

حي جدتي (قصة قصيرة )
الدكتور مسعد العطوي

أقبلت على حي (جدتي ) فإذا المباني متقاربة الطوال ،والأذواق لاوجود لها ,والقدرات الضعيفة تكونت في طلاء للجدران , الحوانيت يغزوها الذباب , والعاملين يحتاجون إلى جمعية لتوزيع الثياب النظيفة والصابون والمياه النقية , وتجميل المداخل وتقويم الأرصفة , والله اعلم بنظافة المخابز وصناعة الفول وإعادة الزيوت مئات المرات حتى ينتهي ماؤها وتفوح روائحها الملوثة .
دخلت الشارع باحثا عن جدتي , فإذا الأبواب مفتحة ذات اليمين وذات الشمال يغلب عليها السواد , والأولاد يتقاطرون في الطرقات بثيابهم البالية , وجلودهم الداكنة , وأرجلهم الحافية , إنها حالة لا تخفى منها خافية , يطئون في رماح الشمس على الإسفلت المتدايمة أطرافه , المملؤة بالدوائر المتهدمة , وبالمياه المتعفنة , وبالشقوق المتصدعة .
ويا عجبي يتلك الفتاتين الرشيقتين اللتين تتمايلان وقد تلاشت معالم الجمال والأناقة , انها أيدي صفراء وأقدام سمراء بالية , إنها هياكل عظمية غلبت عليها الغرائز التي لا تخلو من أمراض نفسية .
طفت في طرقات الحي فإذا نص الجدار متداعي , فيها أبواب المتداعية تخرج منها عمالة متماثلة , متوارية يدلف إليه فتيان شعورهم واقفة متجعدة وقذارة ظاهرة , يوزعون الرعب الذي يحجب عنهم الرأفة والشفقة .
أتأمل كيف حال الأمهات وانين الآباء , وصراع القيم . إنها معارك اليوم التي خلفت البطالة فكيف لهؤلاء بتنمية إحدى مواهبهم بل أن مواهبهم في انزياح وانحراف فلم استطع الوصول إلى بيت جدتي ,فقدت الوعي وعدت وأنا أقول كيف نبني الإنسان وكيف نبني المكان وما العلاقة بينهما ؟؟



د. مسعد عيد العطوي
بواسطة : الدكتور مسعد العطوي
 26  0