×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
شتيوي العطوي

ليلة لعب الفأر في عبّي !
شتيوي العطوي

في ليلة ظلماء لم تفلح عنتريتي في تشغيل مولد الكهرباء . فتقاسمت أنا وأم العيال ورهطها نور مصباح صغير وخلدنا إلى النوم . وإذا كان العالم يحتفل يوما في السنة بما يسمى " يوم الأرض " فأنا ورهطي نحتفل كل ليلة بيوم أرض تقعقع فيها محطات توليد الطاقة لتملأ الفضاء بهرجة . حتى أن بعض الشوارع تبقى مضاءة نهارا !. وفي تلك الليلة انطفأ المصباح بعد وقت قصير من وضعي رأسي الصلب على تلك الوسادة المحشوة بألياف الهموم . فقلت : خير وبركة !. فأنا أحب النوم على العتمة كي أرى أحلامي السينمائية بوضوح . فغططت في نوم عميق وكنت أحلم ، وكثيرة هي أحلامي ، بل هي كوابيس أسرد خبرها صبحا - على أم العيال ، فتصغي حتى تمل ، ثم تضحك وتقول : دا حلم ولا فيلم ؟! . لا بد وأنني بحاجة إلى مخرج ومنفذ ومصور وسيناريست وجميع عدّة " الأكشن " . ومن يدري فلعل أحد كوابيسي يفوز بجائزة الأوسكار لأحسن كابوس عربي !.
كان شخيري يعلو على هرير كلاب الحي التي اتخذت من تل قريب مني " ملهى ليلي " . وبينما كنت أشاخر إذ أحسست بشي يتحرك داخل هدومي !. لا بد وأنه بداية لسيناريو كابوس . لكنني شعرت بنهشة أقضت مضجعي ، فقمت مذعورا ، وتحسست ملابسي ، وإذا بالفأر يلعب في عبي !. لقد استغل لحظة الغفلة والهدوء والعتمة ، فجاء يتحسس ويتجسس ، ولم يعلم أن ليس تحت اللحاف غير جسد له شخير ! . وحين شعر بحركتي هرب ونجا في ظلمة الليل ، وربما ذهب ناحية أم العيال لعله يجد عند رأسها قطعة منسيّة من جبنة " كرافت " . حينها طار النوم من عيني ، وأخذت أفكر في جرأة الفأر . وقد كنت من قبل أرى الفئران في الحوش فأقول : وماذا يعني ؟. وبحسب نظريّة جدّتي " إذا حسنت النيّة ، البيت يسع ميّة " !. لكني لم أتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد من التدخل السافر . لذلك أعلنت ومن تحت اللّحاف الحرب على " الفئران " ! . وفي الصباح وافيت أم العيال في مركز القيادة والسيطرة ( المطبخ ) فأخبرتها بقراري ، فزغردت ، ودقّت قدور الحرب ، وأخذت تغرد ببعض الأهازيج الحماسية . لكنها وبعد مشاورات ومداولات أشارت عليّ برأي غاب عن مخ " هتلر " . وهو الاستعانة بفرقة مجوقلة من تنظيم " ماو .. ماو " ، فكان لها ما أرادت . وبحسب مفهوميتها فإن القط لا تأخذه في الفأر شفقة ولا رحمة . ولم تدرك أن سياسة المصالح يمكن أن تغير قواعد المبادىء ، فنحن في زمن تحالفت فيه القطط مع الفئران ، وأصبحت ساحة بيتي تعجّ بوصوصة الفئران ومواء القطط التي وجدت في بقايا الطعام " المتلتل " من يد أم العيال ما يغنيها عن لحوم الفئران . لذلك قررت أن أخوض الحرب بنفسي ، فقتلت من الفئران العدد الكثير ، لكنها كل يوم تزيد ، فأيقنت أنني أمام معركة طويلة الأمد وخاسرة . ذلك حين تكون ساحات بيوت الجيران أماكن إيواء وتفريخ .
وفي أحد الأيام كنت أتجول في الحوش ، فلم أجد أثرا لفأر ، فسألت أم العيال : أين ذهبت جحافل الفئران ؟ فقالت : البركة في " العرسات " !. فقلت في نفسي : يا لهوي ! خلصنا من الفئران .. طلعت لنا العرسات ! . وماذا سيكون بعد العرصات وأولاد العرصات ؟
والسلام
ليلة من ليالي " دمج "
بواسطة : شتيوي العطوي
 12  0