×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
محمد آل الياس

نحن وبرامج التوعية
محمد آل الياس

قد يتبادر إلى الموجة الثقافية العارمة التي تجتاح البلاد ، وضمن معركة المصطلحات الدائمة عبر الأزمنة ، أن التوعية مصطلح بائد ، قديم متهالك ، بل مصطلح ماضوي لا يحمل إلا دلالة واحده ( الرجعية ) ، وهذا إنما يدل على رداءة بعض الخطوط الثقافية الموجودة ، التي لا تحمل معنى المراد إلا مقتبسا ً ، دون المحاولة ولو بشكل جزئي في التحقق من معنى ذلك المصطلح ودلالاته الواسعة .
وإن كان هذه المصطلح قد مر في سنوات مضت وما زال مستمراً ، إلى لون من ألوان التوعية ( أي الدينية ) ، فإن هذا ليس ذنب من يحمل لواء هذه التوعية ، إنما كل الذنب على ذلك الذي ينتمي إلى ألوان غير ذلك اللون ( التوعية الوظيفية التوعية الإنسانية.... وإن كانت تدخل في التوعية الدينية من جهة ، إلا أن التوعية الدينية قد تنصرف على تذكير العبد اتجاه ربه ، ومجاوزاته المتعلقة بالمجال العبادي التوقيفي ، لا بالمجال العبادي بشكله الواسع ) ، لأنه ظل طيل تلك السنوات في غيه وسباته ، فلماذا تحركت حميته اليوم ، بل أوصله الأمر إلى نبذ المصطلحات الأكثر حقيقة ، إلى مصطلحات ملتبسة .
احسب أن المقدمة الماضية ذات أهمية بين يدي الموضوع ، حتى لا يحمل على لون ويترك باقي الألوان .
إن حاجتنا للتوعية تظهر عند معرفة الشريحة التي هي بحاجة لذلك ، وقد تربينا منذ سنوات عديدة ، أن المتلقي أياً كان ( طالباً مراجعاً لدائرة حكومية ) هو الذي تتوجه إليه رسالة التوعية ، مما جسد داخلنا أن هذه الرسالة مؤقتة عند يوم ومرحلة لابد أن تنتهي ، وأبدأ أنا بإرسال الرسالة لمن هم تحت يدي ، وهذا التجسد أعاق كثيراً من المفاهيم التي لاقت شيئاً من الذوبان حتى التلاشي داخل المجتمع ، ولعل من أهم تلك المفاهيم المتلاشية المثل الصالح الذي يكون محل اقتداء في المكان الذي وضع نفسه فيه .
إن حاجة المعلم إلى التوعية أكثر من حاجة الطالب إلى تلك التوعية ، لأن حامل الرسالة مع تقادم الزمان ينسى هدف تلك الرسالة ، والمبادئ التي تستقى منها الرسالة ، مما يُكوّن مع مرور الأيام أجيالاً في مستوى الضحالة ، تسعى للتعلم ليس من أجل التعليم فقط ، وإنما من أجل الرفاهية التي يريد أن يصل إليها بعد التعلم من مكانة ومادة... ، وليس هذا هو العيب ، وإنما العيب أن تصبح هذه هي الأهداف والطموحات التي يسعى إليها .
ولو أردنا أن نفحص كل قطاع عندنا لطال بنا المقال ، ولكن الخطب الأعظم وجود مثل هذه المقررات التوعوية ، في بعض الدوائر الحكومية ( المستشفيات ) ، ولا يوجد لها ميزانية مخصصة ، بل هي بمثابة الشحاذ الذي يطلب المعونات ، فهذا تعطيل لمقر مهم ، وللآسف إذا كان المدير لا يعرف مدى أهميته ، إلا بمنظور ضيق لنشاطه ، يقيس الأمور من خلاله ، فإن لم تكن تعرف معنى الوبال فانظر إلى فهم هذا لمثل هذه المقررات .
فإذا أبصرت الحقيقة ستكون في صدمة من أمرك ، فهذا ممرض قبل دوامه الرسمي يمكث عند المرآة ساعات من أجل تسريحة شعره ، بطريقة عصرية ، فأين الخطأ ؟ في أن يكون مظهره حسنا ، أو أن يكون مظهره أنثويا ، يريد اصطياد الفتيات اللاتي يعملن معه ، بل المصيبة تزداد إذا كان قبل تخرجه يدور الحديث حوله ، كيف توقع تلك الفتاة وتلك ، فأين هدف هذه الوظيفة الإنسانية بالدرجة الأولى التي أصابتها لوثت زماننا .
ولو تحدثنا عن فتيات دخلن ذلك التخصص للوصول إلى طموحاتهن ، ثم وجدوا أولئك الصبية العابثين بمعنى الحب ، فانحرفت دروبهم ، فمن سيعيدهم إلى طموحاتهم ، إذا طمست تلك البرامج التوعوية .
فهذه دائرة واحدة ، يرتادها فئام من البشر ، يجدون المعاناة ، وبعضهم يكون على مشارف الموت ، فسيتقبلهم هؤلاء الذين أضاعوا معنى الدين الذي يؤمنون به ، فضاعت إنسانيتهم ، فهل سيأمن على نفسه؟ ، أم أنه سيثق بتلك الوافدة ، التي تجدها تعمل ليل نهار ، بجهد وحماس ، وتترك كل المشغلات لما بعد ساعات العمل ، حتى ملهياتها تتخلى عنها في هذه الساعات ، وقد لا تدين بنفس الديانه التي نؤمن بها ؟ ، فهذا حال يرثى له حقا .
إن التوعية دليل إرشادي لأهدافك ومبادئك ، كلما سرت في الطريق الموصل ، فإنه ولابد من وجود عقبات ، فأنت مضطر حينها للانحراف عن هذا الطريق اضطرارا ، فلابد من وجود دليل يرشدك كيف ترجع إلى طريق السلامة ، ولن يكون ذلك إلا بالبرامج التوعوية .
بواسطة : محمد آل الياس
 1  0