×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
الدكتور مسعد العطوي

آداب السلام
الدكتور مسعد العطوي

السلام هو الود والآمان والتحاب هو طمأنينة الفرد والمجتمع على حياته وماله وعرضه، وتاج ذلك ورايته كلمة السلام قال الرسول صلي الله عليه وسلم ((أفشوا السلام تسلموا)) فهي إعلان عهد وعقد مع الآخرين، وسالم الناس تسلم من مكائدهم، والسلام مفتاح التواصل عند الشعوب، وإن اختلفت صوره وأشكاله وطرائق أدائه، وهو اليوم شائع في بلاد المسلمين بطرق متقاربة، ولكن الأعراف تفرض صيغه وسلوكياته، وقد جاء رجل إلي الرسول صلي الله عليه وسلم يسأل عن كيفية السلام، فقال: هل نسجد لكم قال: الرسول صلي الله عليه وسلم ((لا)) قال: هل نعانقكم قال: ((لا)) قال: هل نصافحكم قل: نـعم، إذن المصافحة الأكثر شيوعا، بل قد يقتصر على السلام فقط في مجالس العلم وحلقات الذكر، فأفسحوا يفسح الله لكم وتتبلور دلائل الحب والسلامة والرأفة والصداقة في أسلوب المصافحة، فيروى عن الرسول ما معناه: أن من صافح المقابل له بحرارة وود وإقبال، فلم يبادر إلي التفلت منها فإن له تسعة من عشرة من الأجر، والمصافحة وضع الكف في الكف ومن محاسن المصافحة: أنها تخفف المكث في السلام، فهي أسرع فيطوف القادم على جمع كبير، ومن محاسنها: أنها تستر عورات الناس، فبعضهم ربما أنه قد أكل روائح فتظهر عليه أو لم ينال عطرا، ومنها: أنها تمنع انتقال الأمراض ولا سيما شتاء وفي انتشار الأمراض الوبائية ونحن في زمننا هذا تكثر عندنا المناسبات الكبرى التي يتجاوز الحضور فيها المائة، فمن الصعب أن يطوف بهم الفرد، ويقف الناس المرة تلو الأخرى بل ويعانقون، ويرهق كبار السن والمرضى وليس من اللائق أن يطوف بهم العلماء والوجهاء ومتقدمي السن وترى ارتالا من الموجات البشرية تتوافد في الحفل ويتواصل الجلوس، والنهوض، والمعانقة لمن تعرف ولمن لا تعرف، وهذه عادة موجودة عند قبائل الشمال في الجزيرة ولست أدري عن انتشارها وليت ربعنا يكتفون بالسلام عن بعد في المناسبات الكبيرة أسوة بكثير من القبائل المجاورة والعادات الحضرية فكم من أعلن تذمره على مسمعي بل طلب مني أن أنبه عليها وهى أيضا منعت الحضور من هؤلاء الذين لم يمارسوها.

أما المعانقة ومع مضمون الحديث السابق، فإن عائشة رضي الله عنها، قالت: إن الرسول صلي الله عليه وسلم عانق زيد بن حارثة بحرارة حتى سقط ردائه، فالمعانقة تؤدي إلي التقارب أكثر، فهي التقبيل على الخدين ووضع اليدين على جوانب الآخر، فهي أكثر تلاحما من المصافحة مما يجعلها أكثر خصوصية للأقارب والأصدقاء والتصافي وللمصافحة أشكالا متعددة منها: المعانقة مباشرة وهي التقبيل على الخدين والتلامس باليدين والابتسامة المتبادلة ويضاف عليها تقبيل الرأس للآباء والأعمام والأخوال وكبار السن والعلماء وهذا منتهى التقدير إذا صحبه مظاهر التواد والتحاب ومن صور المعانقة وضع الخد على الخد وإن لم تلامس الشفتان الخد وهو الأكثر ومن صور المعانقة، أن يكون التقبيل على الأنف والفم مقابل الفم وهذا جدير بنقل الأمراض ومن المعانقة من يضع اليد في الصدر ويكون التقبيل في الهواء وهذا أسلم من انتقال العدوى ومن المعانقة من يضع خده خلف أذن الآخر وهذه لا تظهر الود وأري أن المصافحة أولى من المعانقة الوهمية بهذه الصور الأخيرة، والأفضل الابتعاد عن المعانقة في المناسبات والولائم الكبيرة والأعياد، وانتشار الأنفلونزا والأمراض السارية وتكون المعانقة لخاصة الإنسان وذويه، وليتنا نقصر السلام بالقول فقط وهو الأهم في الإسلام عند تكاثر الأعداد وتوالي التلاقي في المناسبات المتقاربة وقد رأى الركابى رحمه الله أن الأمراض السارية أشد من رائحة الثوم والبصل التي منعت حضور الصلاة في المسجد وأنا أؤيد ذلك عادة لا شرعا ولست أدري عن الرأي الشرعي في ذلك.
بواسطة : الدكتور مسعد العطوي
 5  0